ووجوب (١) الأخذ بأحدهما تعيينا (٢) أو تخييرا (٣) ، والتخيير بين (٤) الترك والفعل عقلا مع التوقف عن الحكم به رأسا ، أو مع (٥) الحكم عليه بالإباحة شرعا ، أوجهها الأخير (٦) ؛ لعدم الترجيح بين الفعل والترك ، وشمول مثل : «كل شيء لك حلال حتى
______________________________________________________
(١) عطف على «الحكم» ، وإشارة إلى الوجه الثاني الذي استدل عليه بالوجوه المذكورة.
(٢) أي : ترجيح جانب الحرمة معينا.
(٣) إشارة إلى الوجه الخامس.
(٤) إشارة إلى الوجه السادس.
(٥) إشارة إلى الوجه السابع.
(٦) أي الأخير المذكور في المتن هو الوجه السابع ، فدعوى المصنف «قدسسره» مؤلفة من أمرين :
أحدهما : الحكم بالتخيير العقلي لا الشرعي.
ثانيهما : الحكم شرعا على المورد بالإباحة الظاهرية ، واستدل على الأول بقوله : «لعدم الترجيح» بمعنى : أن المكلف لا يخلو من الفعل أو الترك فلو اختار الفعل احتمل الموافقة على تقدير وجوبه واقعا ، والمخالفة على تقدير حرمته كذلك ، وكذا لو اختار الترك ، فإنه يحتمل الموافقة والمخالفة أيضا ، حيث لا مرجح لأحدهما على الآخر ـ كما هو المفروض ـ فترجيح أحدهما على الآخر ترجيح بلا مرجح ، وهو قبيح ، فيتساويان وهو معنى التخيير العقلي.
واستدل على الثاني ـ وهو الحلية الظاهرية ـ بقوله : «وشمول مثل» ، وقبل توضيح الاستدلال به ينبغي التنبيه على أمر وهو : أن مراد المصنف بقوله : «مثل» هو سائر الروايات التي تصلح لإثبات قاعدة الحل ، وليس غرضه منه أخبار البراءة ؛ كحديثي الرفع والحجب ونحوهما ؛ وذلك لأن مدلول حديثي الرفع مطابقة نفي التكليف الإلزامي على ما اختاره المصنف في أول البراءة بقوله : «فالإلزام المجهول مرفوع فعلا» ، فليس الحل الظاهري مدلوله المطابقي ؛ بل ولا مدلوله الالتزامي أيضا ؛ إذ مدلوله الالتزامي ليس إلا الترخيص الذي هو أعم من الإباحة بالمعنى الأخص التي هي المطلوبة ، فأخبار البراءة تثبت التزاما ما هو أعم من الإباحة المقصودة.
وبالجملة : ففرق بين أصالتي البراءة والحل ؛ إذ مدلول الأولى : نفي التكليف الإلزامي في مرحلة الظاهر المستلزم للترخيص عقلا ، ومدلول الثانية : حكم شرعي