.................................................................................................
______________________________________________________
ظاهري. والشاهد على ما ذكرناه من الفرق بينهما هو : أن المصنف جعل الوجوه والأقوال في المسألة خمسة ـ لا أربعة كما صنعه الشيخ «قدسسره» ـ وعد أولها الحكم بالبراءة عقلا ونقلا ؛ ولكنه لم يرتض ذلك ، واختار الوجه الخامس من الوجوه المذكورة في كلامه ، ولو كان مفاد أصالتي البراءة الشرعية والحل واحدا لم يكن وجه لعدّهما قولين.
نعم ؛ جمع الشيخ الأنصاري «قدسسره» بينهما كما يظهر من الجمع في الاستدلال على الإباحة الظاهرية بين أخبار البراءة والحل ، حيث قال : «فقد يقال في المقام بالإباحة ظاهرا لعموم أدلة الإباحة الظاهرية ، مثل قولهم : «كل شيء لك حلال» ، وقولهم : «ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم» ، فإن كلا من الوجوب والحرمة قد حجب علمه من العباد ، وغير ذلك من أدلته» (١).
وكيف كان ؛ فالاستدلال بحديث الحل على إباحة ما دار أمره بين الوجوب والحرمة يستدعي البحث في مقامين : الأول في وجود المقتضي ، والثاني : في عدم المانع.
أما المقام الأول ـ وهو الذي أشار إليه بقوله : «وشمول».
توضيحه : ـ على ما في «منتهى الدراية» ج ٥ ، ص ٥٦٩» ـ أن الحديث يدل على حلية المشكوك حرمته ظاهرا ، وإنها باقية إلى أن يحصل العلم بخصوص الحرمة ، فموضوع حكم الشارع بالحلية الظاهرية هو ما شك في حرمته وغيرها ، سواء كان ذلك الغير المقابل للحرمة هو الوجوب أم الإباحة بالمعنى الأخص ، أم الاستحباب ، أم الكراهة ، وبهذا يندرج مورد الدوران بين المحذورين في موضوع الحديث لعدم العلم فيه بخصوص الحرمة المأخوذ غاية للحل ، فإذا دار الأمر بين حرمة شيء ووجوبه صدق عليه عدم العلم بحرمته فهو حلال ظاهرا ، ولا مفسدة في الاقتحام فيه حتى يعلم أنه حرام.
وأما الثاني ـ وهو الذي أشار إليه بقوله : «ولا مانع عنه عقلا ولا نقلا» ـ فتوضيحه : أن العلم بالمانع يتوقف على بيان ما يمكن أن يكون مانعا شرعا أو عقلا والنظر فيه ، وحيث لم يبين ذلك فمقتضى الأصل عدمه ، فيكون مثل : «كل شيء لك حلال» شاملا للمورد ، وهكذا تشمله أدلة الرفع والحجب والسعة وما شابهها ، ولا اختصاص لهذه
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ١٧٩.