ولو وجب (١) لكان الالتزام إجمالا بما هو الواقع معه (٢) ممكنا. والالتزام التفصيلي (٣) بأحدهما لو لم يكن تشريعا محرما لما نهض على وجوبه دليل قطعا.
______________________________________________________
في البين لكان إما نفس أدلة التكليف مثل : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) وإما ما ورد من وجوب التصديق بما جاء به النبي «صلىاللهعليهوآله» ، وشيء منهما لا يصلح لإثبات ذلك.
هذا مضافا إلى : أنه لو دل دليل من الشرع على وجوب الموافقة الالتزامية لكان مانعا شرعيا عن شمول أصالة الحل للمقام ، لا مانعا عقليا كما هو مفروض الكلام ، هذا تمام الكلام في الوجه الأول من الجواب.
وحاصل الوجه الثاني : أنه ـ بناء على تسليم وجوب الموافقة الالتزامية ـ لا منافاة بينه وبين جريان أصالة الحل ، لإمكان الانقياد القلبي الإجمالي ، بأن يلتزم إجمالا بالحكم الواقعي على ما هو عليه وإن لم يعلم بشخصه فعلا ، فيتدين المكلف بما هو الواقع سواء كان وجوبا أم حرمة.
فالمتحصل : أن وجوب موافقة الأحكام التزاما لا يمنع من جريان أصالة الحل في مسألة الدوران بين المحذورين.
(١) الأولى «وجبت» «وتجب».
(٢) أي : مع الشمول ، يعني : أن الالتزام بالحكم الواقعي على إجماله مع شمول دليل أصالة الحل للمورد ممكن يعني : لتمكن المكلف من الالتزام بما هو الثابت واقعا.
(٣) هذا دفع ما ربما يتوهم من عدم صحة الوجه الثاني من الجواب.
توضيح التوهم : أنه ـ مع تسليم وجوب الموافقة الالتزامية ـ لا يكون الالتزام بالواقع على ما هو عليه كافيا في امتثال هذا الحكم ـ أعني : وجوب الموافقة الالتزامية ـ بل يجب الالتزام التفصيلي بالوجوب فقط ، أو بالحرمة كذلك ، ضرورة : أن متعلق لزوم الموافقة الالتزامية هو الحكم بعنوان الخاص من الإيجاب أو التحريم ، وليس المطلوب نفس الواقع على ما هو عليه حتى تكفي الإشارة الإجمالية إليه.
ومن المعلوم : استقلال العقل بلزوم إطاعة كل حكم بما يوجب القطع بفراغ الذمة عنه ، ومع تعذر ذلك تصل النوبة إلى الموافقة الاحتمالية ، وفي المقام حيث دار الأمر بين الوجوب والحرمة فقد تعذرت موافقته القطعية الالتزامية كتعذر موافقته القطعية العملية ، وتعينت موافقته الاحتمالية ، وهي الالتزام بخصوص الوجوب أو الحرمة لكونها ممكنة ، ولا تصل النوبة إلى الالتزام الإجمالي بالواقع حتى لا يكون منافيا للالتزام بالإباحة الظاهرية والبناء عليها.