.................................................................................................
______________________________________________________
بالأحكام الشرعية وعدم إهمالها موجود في المقام باطل ؛ لكونه مع الفارق.
وتوضيح الفرق : أن التخيير بين الخبرين المتعارضين على القاعدة بناء على حجية الأخبار من باب السببية لأجل التزاحم بينهما ، فيحكم العقل بالتخيير مع التكافؤ ومن المعلوم : أن تزاحم الاحتمالين في المقام ليس كتزاحم الخبرين على السببية ؛ كي يصح قياس المقام بتعارض الخبرين.
وأما على الطريقية : فأيضا يكون القياس مع الفارق ، ضرورة : أن مقتضى القاعدة الأولية في تعارض الخبرين وإن كان هو التساقط لا التخيير ؛ إلا أنه لما كان كل منهما واجدا لشرائط الحجية ولمناط الطريقية من الكشف نوعا عن الواقع ، واحتمال الإصابة في خصوص كل واحد منهما لم يمكن الجمع بينهما في الحجية الفعلية لمكان التعارض ، فجعل الشارع أحدهما حجة تخييرا مع التكافؤ وتعيينا مع الترجيح. وهذا بخلاف المقام ؛ إذ ليس في شيء من الاحتمالين اقتضاء الحجية كالخبرين المتعارضين حتى يجري حديث التخيير بين الخبرين في الاحتمالين المتعارضين ، فلا مانع من طرح كلا الاحتمالين وإجراء الإباحة الظاهرية.
٥ ـ عدم جريان قاعدة قبح العقاب بلا بيان في المقام : لوجود البيان في المقام ، وإنما يكون عدم تنجز التكليف لعدم تمكن المكلف من الموافقة القطعية ، فلا يتمكن المكلف من الاحتياط بالجمع بين الفعل والترك ؛ إذ الجمع بينهما جمع بين النقيضين ، فيكون مستحيلا.
وكيف كان ؛ فقبح العقاب في المقام مسلّم لكنه ليس لأجل عدم البيان ؛ بل لأجل عدم قدرة المكلف على الامتثال القطعي ، فلا مجال لجريان قاعدة القبح لوجود البيان الإجمالي ، وهو العلم بأصل الإلزام ، وهو كاف في المنع عن جريانها.
٦ ـ مورد هذه الوجوه الخمسة هو : ما إذا لم يكن واحد من الوجوب والحرمة على التعيين تعبديا ، فتجري فيما إذا كانا توصليين ، أو كان أحدهما غير المعين تعبديا. ولا تجري فيما إذا كان تعبديين ، أو كان أحدهما المعين تعبديا. هذا تعريض من المصنف على الشيخ «قدسسرهما» ، حيث اعتبر في جريان الوجوه المذكورة : كون كلا الحكمين توصليا ؛ للزوم المخالفة القطعية لو كان كليهما أو أحدهما المعين تعبديا. إلا أن المصنف نظر إلى التخيير العقلي الجاري في جميع الصور الأربع ، فلا وجه لإخراج بعض الصور عن مورد الوجوه المذكورة ؛ كما صنعه الشيخ «قدسسره».