.................................................................................................
______________________________________________________
وأما بالنسبة إلى الموافقة كذلك فغير مؤثر أبدا ؛ لا على نحو العلة التامة ولا على نحو المقتضي ، وبذلك يمتاز عن القول الرابع ، ونسب إلى المحقق القمي «قدسسره».
وكيف كان ؛ فلا بد قبل تقريب كلام المصنف «قدسسره» من تمهيد مقدمة وهي : أن للأحكام الشرعية مراتب :
١ ـ مرتبة الاقتضاء والشأنية ، وهي عبارة عن ملاكات الأحكام كالمصالح والمفاسد على مذهب العدلية.
٢ ـ مرتبة الإنشاء والجعل ، وهي صدور الأوامر والنواهي من المولى مثلا.
٣ ـ مرتبة الفعلية ، وهي بيان الأحكام بالبعث والزجر ، فتكون الأحكام فعلية قبل علم المكلفين بها.
٤ ـ مرتبة التنجز ، وهي استحقاق العقوبة على المخالفة ، وهي مرتبة وصول الأحكام إلى المكلفين وعلمهم بها.
ثم مرتبة الفعلية مقولة بالتشكيك فهي على قسمين :
الأول : أن يكون التكليف والحكم فعليا من جميع الجهات بمعنى : أن يكون الغرض الداعي إليه مهما بمثابة لا يرضي المولى ـ وهو الشارع ـ بفواته أصلا ؛ بل تتعلق إرادته باستيفائه على كل تقدير ، يعني سواء علم به المكلف لوصول الخطاب إليه ولو تصادفا ، أم لم يعلم به وفي مثله يكون على الحاكم إيصال التكليف إلى العبد ورفع موانع تنجزه إما برفع جهل العبد بجعله عالما بالحكم تكوينا ، وإما بنصب طريق مصيب إليه وإما بتشريع إيجاب الاحتياط عليه ؛ لمنجزية نفس الاحتمال ، وحيث تنجز التكليف بأي سبب من أسبابه استحق العقوبة على المخالفة لقيام الحجة القاطعة للعذر عليه.
الثاني : أن لا يكون الغرض الداعي إلى الحكم مهما بنحو يريد من العبد استيفاءه على كل حال ؛ بل يريده على تقدير وصول الخطاب به إليه تفصيلا ولو من باب الاتفاق ، وحينئذ فالحكم الذي يدعو إليه هذا النحو من الغرض يكون واجدا لمرتبة ما من التحريك ، وفعليته منوطة بالعلم به تفصيلا ؛ بحيث يكون العلم التفصيلي به موجبا لتمامية فعليته أولا ولتنجزه ثانيا ، ومن المعلوم : أن إيصال الحكم الناشئ عن هذا النحو من الغرض الملزم والخطاب المتكفل له إلى العبد ليس من وظيفة المولى ؛ لما تقدم من أن إرادته لاستيفاء الغرض ليست على كل تقدير ، بل إنما هي على تقدير وصول الخطاب إلى المكلف ولو من باب الاتفاق ، فكما لا يجب حينئذ على الحاكم رفع موانع تنجزه ،