الجهات (١) لوجب عقلا موافقته (٢) مطلقا ولو كانت أطرافه غير محصورة ، وإنما التفاوت بين المحصورة وغيرها هو : أن عدم الحصر ربما يلازم ما يمنع عن فعلية المعلوم مع كونه فعليا لولاه (٣) من سائر الجهات.
وبالجملة : لا يكاد يرى العقل تفاوتا بين المحصورة وغيرها في التنجز وعدمه (٤) فيما (٥) كان المعلوم إجمالا فعليا يبعث (٦) المولى نحوه فعلا أو يزجر عنه ...
______________________________________________________
من جهة كثرة الأطراف ، فإذا كانت الأطراف الكثيرة مورد الابتلاء ، ولم يترتب الحرج المنفي شرعا على الاجتناب عن جميعها كان العلم الإجمالي منجزا ؛ لتعلقه بتكليف فعلي ، وعليه ، فلا يدور عدم تنجيز العلم الإجمالي مدار عدم انحصار الأطراف كما سيأتي في التنبيه الثالث ، فانتظر.
(١) أي : حتى الإرادة والكراهة.
(٢) أي : موافقة التكليف الفعلي بالاجتناب عن جميع أطرافه في الشبهة التحريمية «مطلقا» ، أي : ولو كانت أطرافه غير محصورة.
(٣) أي : لو لا ما يمنع ، فالضمير راجع على الموصول في «ما يمنع» المراد به ما عدا سائر الجهات كالخروج عن الابتلاء ، وضمير «كونه» راجع على المعلوم بالإجمال ، و «من سائر الجهات» متعلق ب «فعليا».
وتوضيحه ـ على ما في «منتهى الدراية ، ج ٦ ، ص ٢٤» ـ : أن الحكم الواقعي في غير المحصورة فعلي من سائر الجهات غير جهة مضادته للحكم الظاهري ، فهو بحيث لو علم به تفصيلا لتنجز ؛ لكن هذه الفعلية في كل طرف منوطة بعدم ما يمنع عنها بالنسبة إلى ذلك الطرف كخروجه عن مورد الابتلاء أو الاضطرار إلى ارتكابه أو نحوهما ، فإنه لو لا خروج بعض الأطراف عن الابتلاء مثلا لكان الحكم الواقعي بالنسبة إليه فعليا من سائر الجهات غير جهة مضادته للحكم الظاهري ، لكن هذا المانع أخرجه عن الفعلية من سائر الجهات غير جهة مضادته للحكم الظاهري أيضا ، فعدم فعليته حينئذ ليس من جهة واحدة ؛ بل من جهات عديدة ، ولذا لو تعلق به العلم التفصيلي لم يتنجز أيضا.
(٤) يعني : عدم التنجز ، فإن كان العلم الإجمالي منجزا في المحصورة كان في غير المحصورة كذلك.
(٥) متعلق ب «تفاوتا» و «ما» ظرف لكون المعلوم بالإجمال فعليا.
(٦) إن كان التكليف المعلوم إجمالا هو الوجوب كالأمر المردد بين القصر والتمام في بعض الموارد «يبعث المولى نحوه فعلا» بأن يريده.