.................................................................................................
______________________________________________________
تصل النوبة إلى المقدمة الخامسة ـ وهي : قبح ترجيح المرجوح على الراجح ، ـ المقتضية لتعين الإطاعة الظنية عقلا.
ومع هذا الحكم العقلي في مقام الإطاعة لا حاجة إلى حكم الشارع بحجية الظن.
فالمتحصل : أن النتيجة هي حجية الظن في مقام الإطاعة بمعنى : حكم العقل بعدم جواز مطالبة المولى من العبد بأزيد من الإطاعة الظنية ، وعدم جواز اقتصار العبد على ما دون الإطاعة الظنية من الإطاعة الشكية والوهمية.
٣ ـ توهم : إثبات حجية الظن شرعا بقاعدة الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع ، بمعنى : أن العقل قد حكم باعتبار الظن حال الانسداد ، فيستكشف من حكمه هذا بقاعدة الملازمة : أن الشارع قد حكم باعتباره في هذا الحال أيضا ؛ مدفوع : بأن قاعدة الملازمة أجنبية عن المقام ـ أعني : الإطاعة الظنية التي هي من مراتب الإطاعة ـ لأن الإطاعة غير قابلة للحكم المولوي ، فلا تجري القاعدة فيها.
وجه عدم القابلية : أن الحكم المولوي متقوم بشرطين مفقودين في المقام.
أحدهما : أن يكون متعلقه فعل العبد لا فعل المولى.
ثانيهما : أن يترتب على تعلقه بالفعل فائدة غير الفائدة التي تترتب على نفس الفعل عقلا أو تكوينا ، وحيث إن هذين الشرطين مفقودان فيما نحن فيه ـ أعني : الإطاعة الظنية ، ووجه عدم تحققهما فيه : أن الإطاعة الظنية تنحل إلى أمرين : أحدهما : عدم وجوب الإطاعة العلمية لعدم تمكن العبد منها فلا يجوز العقاب على تركها.
ثانيهما : عدم جواز الاقتصار بما دون الإطاعة الظنية. وشيء من هذين الأمرين لا يصلح أن يتعلق به الحكم المولوي ؛ لأن الأول ـ أعني مطالبة الإطاعة الظنية وعدم المؤاخذة على تركها ـ من أفعال الشارع ، وفعل الشارع لا يكون موردا لحكمه ، فالحكم بقبح المؤاخذة على الترك هو من العقل لا من الشارع.
وأما الثاني : فلأنه وإن كان قابلا لحكم الشرع في نفسه من جهة أن الإطاعة الظنية أو الشكية والوهمية من العبد ؛ لكن لا يترتب على تعلق الحكم به شرعا فائدة لم يكن أيضا قابلا للحكم المولوي ؛ لأن الفائدة ـ وهو إيجاد الداعي في نفس العبد إلى العمل ـ حاصل بحكم العقل ، فلا يكون إيجاد الداعي من الشارع بالأمر إلا طلب الحاصل المحال.
نعم ؛ لا بأس بأن يكون حكم الشارع إرشادا إلى ما حكم به العقل.