بالإجمال ، وأنه (١) تارة : يجب الاجتناب عن الملاقى (٢) دون ملاقيه ، فيما كانت الملاقاة بعد العلم إجمالا بالنجس بينها (٣) ، ...
______________________________________________________
(١) عطف تفسيري للحال والضمير للشأن.
(٢) بالفتح كالإناء الأحمر في المثال المذكور في مقام توضيح كلام المصنف «قدسسره». قوله : «فيما» متعلق ب «يجب».
(٣) أي : بين الأطراف ، وهذا بيان للصورة الأولى ، وقد عرفت حالها ونزيدها توضيحا ، فنقول : إذا علم إجمالا بنجاسة أحد الإناءين المفروض أحدهما أحمر والآخر أبيض ، ثم علم بملاقاة ثوب للأحمر مثلا ، وجب الاجتناب عقلا عن خصوص الطرفين دون الثوب الملاقي لأحدهما ؛ لعدم كون الاجتناب عنه مقدمة علمية لامتثال خطاب «اجتنب عن النجس» المعلوم إجمالا المردد بين الإناءين. واحتمال نجاسة الملاقي وإن كان موجودا ؛ إلا إنه على تقدير نجاسته يتوقف وجوب الاجتناب عنه على خطاب آخر غير الخطاب المعلوم بالإجمال وهو «اجتنب عن ملاقي النجس» ، ولما كانت ملاقاة النجس مشكوكة لأنه لاقى محتمل النجاسة ولم يلاق النجس المعلوم فتوجه خطاب آخر أعني : «اجتنب عن الملاقي للنجس» إلى المكلف غير معلوم ، ومقتضى الأصل الموضوعي أعني : استصحاب عدم الملاقاة للنجس أو الأصل الحكمي كاستصحاب الطهارة أو قاعدتها هو عدم وجوب الاجتناب عنه لسلامة أصله من التعارض والحكومة ، فإن الشك في نجاسته وإن كان ناشئا من الشك في نجاسة الملاقي ومسببا عنه ، ومقتضى حكومة الأصل السببي على المسببي عدم جريان الأصل فيه ؛ إلا إن سقوط أصل الملاقى بالمعارضة مع أصل طرفه أوجب سلامة الأصل وجريانه في ملاقيه بلا مانع من التعارض والحكومة.
لا يقال : إنه يحدث بالملاقاة علم إجمالي آخر طرفاه الملاقي ـ بالكسر ـ وهو الثوب في المثال المذكور وعدل الملاقى ـ بالفتح ـ وهو الإناء الأبيض ، وهو يوجب الاجتناب عن الملاقي أعني : الثوب أيضا ، ولا يجري الأصل النافي فيه للتعارض ، كما لا يجري في الأصلين.
فإنه يقال : إن هذا العلم الإجمالي وإن كان يحدث حينئذ قطعا ؛ لكنه غير مؤثر في توجيه الخطاب بالملاقي ، لتنجز أحد طرفيه ـ أعني به عدل الملاقى ـ بمنجز سابق وهو العلم الإجمالي الأول الدائر بين الأصلين ، فلا أثر للعلم الإجمالي الثاني في تنجزه من جديد ؛ لعدم تنجز المنجز ثانيا.
هذا مجمل الكلام حول عدم تنجز التكليف بالعلم الإجمالي الثاني بالنسبة إلى الملاقي.