الواجبات العقلية (١) ، وقد مر (٢) اعتبار موافقة الغرض وحصوله (٣) عقلا في إطاعة
______________________________________________________
فالمتحصل : أن الشك في المحصل مجرى الاحتياط ، سواء كان الشك في محصل عنوان المأمور به أو في محصل غرض المولى الحاصل بإتيان الأكثر ؛ لأن الغرض أو المصلحة في المأمور به علة لأمر الشارع ، فلا يسقط الأمر إلا بتحققهما ، ولا يعلم بتحققهما إلا بإتيان الأكثر ، فيجب احتياطا الإتيان بالأكثر حتى يعلم بتحققهما.
(١) توضيح «كون الواجبات الشرعية ألطافا في الواجبات العقلية» يتوقف على مقدمة وهي : بيان ما هو المراد من الكلمات الثلاث ، فيقال : إن المراد من الواجبات الشرعية واضح ، وهو الصوم والصلاة ونحوهما. والمراد من الواجبات العقلية هي : الأمور الاعتقادية نحو معرفة الحق تعالى بما له من صفات الكمال والجلال حتى يحصل القرب بين الواجب تعالى وبين العباد.
والمراد من الألطاف جمع اللطف : ما يكون معه العبد أقرب إلى الطاعة وأبعد من المعصية. هذا معنى اللطف في اصطلاح المتكلمين.
إذا عرفت هذه المقدمة يتضح لك معنى قوله «قدسسره» : الواجبات الشرعية ألطاف في الواجبات العقلية ؛ إذ بالواجب الشرعي يكون العبد أقرب إلى الطاعة وأبعد من المعصية ، فيحصل له القرب إلى الله بالطاعة وترك المعصية بعد العلم بالواجب وصفاته «سبحانه تعالى».
فيكون الواجب الشرعي مقربا إلى الواجب العقلي وهو القرب إليه تعالى بالطاعة.
(٢) حيث قال في بحث التعبدي والتوصلي في مقام الفرق بينهما : «بخلاف التعبدي ، فإن الغرض منه لا يكاد يحصل بذلك ؛ بل لا بد في سقوطه وحصول غرضه من الإتيان به متقربا به منه تعالى».
ومعنى كلامه هنا : أن الغرض لا يسقط في التعبديات ، إلا مع قصد الإطاعة ، والإطاعة فيها يتوقف على قصد أمرها ، فما لم يقصد أمرها لم يسقط الغرض الباعث على الأمر.
(٣) أي : وحصول الغرض «عقلا في إطاعة الأمر وسقوطه» ، فإن العقلاء يلومون العبد التارك للغرض وإن أتى بالمأمور به ، فلو أمر المولى عبده أن يسد باب البيت وعلمنا أن غرضه عدم ضياع ولده ، ثم أطاع العبد بسد الباب ؛ لكن الولد ألقى بنفسه من السطح في الشارع مما يسبب ضياعه فأهمله العبد ، كان ملوما عند العقلاء إذا لم ينقذه من الضياع وإن اعتذر بأنه أطاع الأمر ، وأن المولى لم يقل له بأكثر من ذلك.