الأمر وسقوطه ، فلا بد من إحرازه (١) في إحرازها كما لا يخفى.
ولا وجه (٢) للتفصي عنه تارة : بعدم ابتناء مسألة البراءة والاحتياط على ما ذهب
______________________________________________________
(١) أي : إحراز الغرض في إحراز الإطاعة. وحاصله : أن علة الأمر حدوثا وبقاء هو الغرض ، فسقوط الأمر موقوف على سقوط الغرض ، ومن المعلوم : عدم حصول العلم بتحقق الغرض إلا بالإتيان بالأكثر. وضمير «إحرازها» راجع على «إطاعة».
وكيف كان ؛ فما ذكرنا غاية ما يمكن أن يقال في توضيح الوجه الثاني على وجوب الاحتياط عقلا.
(٢) يعني : لا وجه للتفصي عن الاستدلال بالغرض. وهذا إشارة إلى ما أجاب به الشيخ عن الاستدلال لوجوب الأكثر بدليل لزوم تحصيل الغرض ، وقد أجاب الشيخ عن الاستدلال المذكور بوجهين :
الأول : ما أشار إليه بقوله : «تارة : بعدم ابتناء مسألة البراءة ...» الخ.
والثاني : ما أشار إليه بقوله : «وأخرى : بأن حصول المصلحة ...» الخ.
وحاصل الكلام في المقام : أن الشيخ «قدسسره» قد أجاب عن برهان الغرض الموجب للاحتياط بفعل الأكثر بوجهين :
الأول : أن الالتزام بوجود الغرض مبني على مذهب مشهور العدلية من تبعية الأوامر والنواهي للمصالح والمفاسد في متعلقاتهما وهي أفعال المكلفين ، ومن المعلوم : أن مسألة البراءة والاحتياط ليست مبنية على ذلك ؛ بل تجري على مذهب بعض العدلية أيضا المكتفي بوجود المصلحة في نفس الأمر الذي هو فعل المولى ، وعلى مذهب الأشعري من عدم التبعية أصلا ولو في نفس الأمر ، فيمكن المصير إلى أحد هذين المذهبين ، ومن المعلوم : عدم وجود غرض حينئذ حتى يجب إحرازه في إحراز سقوط الأمر المنوط بإتيان الأكثر.
الثاني : أن الغرض بعد تسليم كونه في فعل العبد ـ كما هو مقتضى مذهب المشهور من العدلية ـ وإن كان موردا لقاعدة الاشتغال ؛ لما اشتهر من عدم جريان البراءة في الشك في المحصل ؛ إلا إنه يكون فيما يمكن تحصيل العلم بوجود الغرض ، وأمّا فيما لا يمكن للعبد إحرازه فلا ، كالمقام ، ضرورة : أن حصول المصلحة في العبادات وإن كان منوطا بقصد الإطاعة ؛ لكنه يحتمل عدم حصولها بمجرد ذلك ، لاحتمال دخل قصد وجه أجزاء العبادة من الوجوب والندب في تحققها أيضا. ومن المعلوم : أن هذا القصد موقوف على معرفة وجه الأجزاء من الوجوب والندب ، ومع الجهل به لا يتمشى قصد الوجه ، فلا يحصل العلم بالغرض.