القياس لأجل كونه غالب المخالفة ، وأخرى (١) : بأن العمل به يكون ذا مفسدة غالبة على مصلحة الواقع الثابتة عند الإصابة ؛ وذلك (٢) لبداهة : أنه إنما يشكل بخروجه
______________________________________________________
أكثر مما يصلحه» (١) وقوله : «ليس شيء أبعد من عقول الرجال من دين الله» (٢) ، وغير ذلك (٣).
وهذا المعنى لما خفي على العقل الحاكم بوجوب سلوك الطرق الظنية عند فقد العلم ، فهو إنما يحكم بها لإدراك أكثر الواقعيات المجهولة ، فإذا كشف الشارع عن حال القياس ، وتبين عند العقل حال القياس ، فيحكم حكما إجماليا بعدم جواز الركون إليه ...» الخ.
(١) وهو الوجه السادس الذي أفاده الشيخ ، ولكن أورد عليه بعد ذلك حيث قال : «إن النهي يكشف عن وجود مفسدة غالبة على المصلحة الواقعية المدركة على تقدير العمل به ، فالنهي عن الظنون الخاصة في مقابلة حكم العقل بوجوب العمل بالظن مع الانفتاح ...» (٤) الخ.
وحاصل هذين الوجهين : أن العقل إنما يحكم بلزوم اتباع الظن لكونه أقرب إلى الواقع ، وعدم مزاحمته بالمفسدة الغالبة ، وكونه غالب الإيصال إليه ؛ لأجل استيفاء مصلحته ، فإذا كشف نهي الشارع عن أن الظن الحاصل من القياس غير مصيب للواقع غالبا ، أو أن المفسدة المترتبة على الأخذ به أكثر من مصلحته : فلا محالة يحكم العقل بعدم جواز الركون إليه تخصيصا لحكمه بلزوم مراعاة الظن.
(٢) أي : وذلك الذي ذكرنا من أنه لا وقع لهذين الجوابين ، «لبداهة» أن الجوابين يفيدان صحة النهي عن القياس ، وأنه إنما نهي عنه ـ مع أن النهي مفوت لمصلحة الواقع ـ لكونه كثير المخالفة ، أو لكون مفسدته مزاحمة لمصلحة الواقع المحرزة بسببه.
أما الجواب عن إشكال أنه كيف يمنع عنه في حال الانسداد الذي يحكم العقل بحجية مطلق الظن فيه؟ فليس هذان الجوابان دافعين عنه.
وإن شئت قلت : إن الإشكال في صحة النهي عن القياس من جهتين من حيث نفسه ، ومن حيث منافاته لحكم العقل بحجية الظن في حال الانسداد ، وهذان الجوابان
__________________
(١) عوالي اللآلي ٤ : ٦ / ٢٢ ، مستدرك الوسائل ١٧ : ٢٤٨ / ٢١٢٤٧.
(٢) الوارد في كتب الحديث : «ليس شيء أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن» : المحاسن ٢ : ٣٠٠ / ذيل ح ٥ ، الوسائل ٢٧ : ١٩٢ / ذيل ح ٣٣٥٧٢. أو «ليس شيء أبعد من عقول الرجال منه» : تفسير العياشي ١ : ١١ / ٢ ، الوسائل ٢٧ : ٢٠٤ / ٣٣٦٠٥.
(٣) فرائد الاصول ١ : ٥٢٩.
(٤) فرائد الأصول ١ : ٥٢٨.