بعد الفراغ عن صحة المنع عنه في نفسه بملاحظة (١) حكم العقل بحجية الظن ، ولا يكاد يجدي صحته كذلك (٢) في الذّب عن الإشكال في صحته (٣) بهذا اللحاظ ، فافهم (٤) فإنه لا يخلو عن دقة.
______________________________________________________
إنما يدفعان الإشكال من الجهة الأولى ، أما الجهة الثانية : فلا ربط لهذين الجوابين بها.
وكيف كان ؛ فقوله : «لبداهة» تعليل لقوله : «لا وقع للجواب».
وتوضيح ذلك بعد مقدمة وهي : أن إشكال النهي عن العمل بالقياس يقع في جهتين :
الأولى : في صحة النهي عنه في نفسه مع الغض عن دليل الانسداد.
الثانية : في صحة النهي عنه بملاحظة الانسداد بناء على الحكومة ، وأنه كيف يصح تخصيص الشارع حكم العقل بلزوم مراعاة الظن ، مع فرض استقلاله في حكمه؟
إذا عرفت هذه المقدمة فنقول : إنه من المعلوم : أن الوجهين المتقدمين عن الشيخ «قدسسره» يصححان النهي عنه باعتبار الجهة الأولى ، ولا يصححانه باعتبار الجهة الثانية ، يعني : حتى مع استقلال العقل بحجية الظن حال الانسداد.
(١) متعلق ب «يشكل» أي : يشكل خروج القياس «بملاحظة حكم العقل ...» الخ. وضمير «أنه» للشأن ، وضميرا «بخروجه ، عنه» راجعان على القياس.
(٢) أي : في نفسه يعني : لا يجدي صحة المنع عن القياس «كذلك» أي في نفسه بلحاظ كونه غالب المخالفة للواقع ، أو لأن في العمل به مفسدة غالبة على مصلحة الواقع عند الإصابة في دفع الإشكال عن صحة المنع عنه بلحاظ حكم العقل بحجية مطلق الظن ، والظرف متعلق ب «يجدي» ، وقد مر غير مرة : أن الصواب في ذب الإشكال هو : كون حكم العقل بحجة الظن الانسدادي معلق على عدم نهي الشارع عن ظن خاص كالقياس.
(٣) أي : صحة المنع «بهذا اللحاظ» ، أي : لحاظ حكم العقل في حال الانسداد.
(٤) لعله إشارة إلى أن الجوابين صحيحان حتى بالنسبة إلى إشكال خروج الظن القياسي عن حكم العقل في حال الانسداد ؛ لأن العقل إنما يحكم بحجية الظن في حال الانسداد ؛ لما يرى من قربه إلى الواقع بدون مفسدة ، فإذا استكشف ـ من نهي الشارع عن القياس بقول مطلق ـ عدم قرب القياس إلى الواقع ؛ لكثرة الخطأ ، أو استكشف وجود مفسدة فيه تزاحم مصلحة الواقع لم يحكم بحجيته ، وليس ذلك تخصيصا ؛ بل تخصصا.