اجتزائه بما استقل به العقل في هذا الحال ، ولا مجال (١) لاستكشاف نصب الشارع
______________________________________________________
فحاصل الكلام : أن مقتضى مقدمات الانسداد هل هو استكشاف كون الظن في حال الانسداد طريقا منصوبا من قبل الشارع للوصول إلى التكاليف المعلومة بالإجمال ، أو أن مقتضاها : استقلال العقل في الحكم بكون الظن حجة في حال الانسداد ؛ كاستقلاله بكون العلم حجة في حال الانفتاح.
ومختار المصنف : هو الثاني ، وقد استدل عليه بما حاصله : من أن مقدمات الانسداد لا تنتج حجية الظن كشفا يعني : شرعا ؛ بل مقتضاها : حجية الظن حكومة يعني : بحكم العقل ؛ لأنه بعد إبطال المنجز العقلي ـ وهو الاحتياط الذي يقتضيه العلم الإجمالي بالتكاليف ـ بأدلة نفي الحرج قد وصلت النوبة إلى المقدمة الخامسة ـ وهي قبح ترجيح المرجوح على الراجح ـ المقتضية لتعين الإطاعة الظنية عقلا.
ومع هذا الحكم العقلي المستقل في مقام الإطاعة : لا حاجة إلى حكم الشارع بحجية الظن ، فتكون النتيجة : حجية الظن في مقام الإطاعة ، بمعنى : حكم العقل بعدم جواز مطالبة المولى بأزيد من الإطاعة الظنية ، وعدم جواز اقتصار المكلف على ما دونها من الإطاعة الشكية والوهمية وضمير «معها» راجع على المقدمات ، وضمير «أنه» للشأن ، يعني : مع هذه المقدمات الدالة على حجية الظن «لا يجب عقلا على الشارع أن ينصب» للأحكام الواقعية «طريقا لجواز اجتزائه» أي الشارع «بما استقل به» أي : باعتبار الظن «العقل في هذا الحال» أي : حال الانسداد.
(١) إشارة إلى توهم ودفعه ، فلا بد أولا : من تقريب التوهم ، كي يتضح دفعه.
أما تقريب التوهم : فملخصه : إثبات حجية الظن شرعا بقاعدة الملازمة بين ما حكم به العقل وبين ما حكم به الشرع ، بمعنى : أن كل ما حكم به العقل وبين ما حكم به الشرع ، بمعنى : أن كل ما حكم به العقل حكم به الشرع ؛ إذ المفروض : أن العقل قد حكم باعتبار الظن حال الانسداد ، فيستكشف من حكمه هذا ـ بهذه القاعدة ـ أن الشرع قد حكم باعتباره في هذا الحال أيضا ، فيكون حجة شرعا.
فالمتحصل : أن الإطاعة الظنية حال الانسداد كما أنها عقلية كذلك شرعية بقاعدة الملازمة.
وأما الدفع : فهو أن قاعدة الملازمة أجنبية عن المقام ، أعني : الإطاعة الظنية التي هي من مراتب الإطاعة ، فلا تجري هذه القاعدة فيها حتى تكون الإطاعة موردا للحكم المولوي ؛ وذلك لأن القاعدة تجري في مورد قابل للحكم المولوي ؛ كحسن رد الوديعة