ولا يخفى : أن اعتبار ما يورثه (١) ...
______________________________________________________
كنقل الراوي عن الإمام «عليهالسلام» وجوب صلاة الجمعة ، وبين تعلقه بالحكم مع الواسطة أي : بأمارة أخرى غير الأمارة الدالة على نفس الحكم ، كما إذا ورد الأمر بالتيمم بالصعيد في قوله تعالى : (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) ، وشككنا في جوازه بمطلق وجه الأرض الشامل للحجر مثلا ، وفرضنا انسداد باب العلم والعلمي بجوازه ، فإذا قال اللغوي : «الصعيد هو مطلق وجه الأرض» ، وفرضنا إفادة كلامه للظن ، فإنه حينئذ : يحصل لنا الظن بالحكم الشرعي وهو جواز التيمم بمطلق وجه الأرض ؛ لكن بواسطة قول اللغوي ، فيجوز لنا أن نقول حينئذ هكذا : يجوز التيمم بالصعيد ؛ لأن الصعيد هو مطلق وجه الأرض ، فيجوز التيمم بمطلق وجه الأرض ، فإذا ثبت جواز التيمم بمطلق وجه الأرض ثبت جوازه بالحجر أيضا ؛ لأنه من أفراد مطلق وجه الأرض. فالنتيجة هي : حجية قول اللغوي بدليل الانسداد.
وكذا الكلام بالنسبة إلى الظن الحاصل من كلام الرجالي في تمييز المشتركات مثلا ، كما إذا قال : إن عمر بن يزيد الواقع في سند الرواية الكذائية هو الثقة بقرينة كون الراوي عنه ثقة ، فإن توثيقه موجب للظن بالحكم الشرعي الذي تضمنته الرواية.
والسر في عدم الفرق في ذلك كله : وحدة المناط في حجية الظن ـ وهو الأقربية إلى الواقع ـ في الجميع كما تقدم ، وهذا المناط يوجب التلازم بينه وبين مؤدى الأمارة ، فيكون الجميع حجة ؛ كما في «منتهى الدراية ، ج ٥ ، ص ٨٢».
توضيح بعض العبارات طبقا لما في منتهى الدراية كما هو العادة.
(١) الضمير المستتر راجع على الموصول المراد به الأمارة ، والضمير البارز راجع على الظن بالحكم ، واسم «كان» ضمير مستتر راجع على الموصول في «فيما» أو «بما» المراد به الحكم.
وغرضه من هذا الكلام : أن اعتبار الأمارة الموجبة للظن بالحكم مع الواسطة ـ كقول اللغوي ـ مختص بأحكام انسد فيها باب العلم والعلمي ، فمع انفتاح باب العلم والعلمي بها لا يكون ذلك الظن الحاصل من تلك الأمارة حجة فيها ـ أي : في الأحكام ـ وإن انسد باب العلم والعلمي في اللغة ، فالمدار في حجية قول اللغوي على انسداد باب العلم والعلمي في الأحكام دون انسداد بابهما في اللغة مع فرض الانفتاح في أكثر الأحكام.
والحاصل : أن المعيار في حجية الظن الحاصل من قول اللغوي هو : انسداد باب العلم بالأحكام دون اللغات.