من حكم العقل ؛ لقاعدة الملازمة ، ضرورة : أنها إنما تكون في مورد قابل للحكم الشرعي ، والمورد هاهنا غير قابل له ، فإن (١) الإطاعة الظنية التي يستقل العقل بكفايتها (٢) في حال الانسداد إنما هي بمعنى : عدم جواز مؤاخذة الشارع بأزيد منها (٣) ، وعدم اقتصار المكلف بدونها (٤) ، ومؤاخذة الشارع غير قابلة لحكمه (٥) ، وهو
______________________________________________________
الاكتفاء بما دونه ، فهو من قبيل طلب الحاصل المحال ؛ لفرض حصول هذا الغرض بحكم العقل بحسن الأول وقبح الثاني ، وإن كانا بدون غرض فهو قبيح على العاقل فضلا عن الحكيم.
وخلاصة الكلام في المقام : فالمورد ـ أعني باب الإطاعة والمعصية الذي منها الإطاعة الظنية فيما نحن فيه ـ غير قابل للحكم المولوي حتى تجري فيه قاعدة الملازمة ، كي تثبت بها حجية الظن حال الانسداد شرعا أيضا ؛ إما لانتفاء الشرط الأول المعتبر فيه وهو كون موضوعه فعل العبد ؛ لما عرفت من : أن الموضوع هنا هو المؤاخذة وهي فعل الشارع ، فلا يتعلق بها حكم نفس الشارع ، وإما لانتفاء الشرط الثاني ، وهو ترتب الفائدة على تعلقه غير أصل الفائدة التكوينية أو العقلية كما عرفت توضيح ذلك ؛ كما في «منتهى الدراية ، ج ٥ ، ص ١٤» مع توضيح وتصرف منا.
قوله : «من حكم العقل» متعلق ب «استكشاف» ، يعني : أنه لا مجال لأن يستكشف من حكم العقل نصب الشارع.
«لقاعدة» متعلق ب «استكشاف» وتعليل له.
«ضرورة» تعليل لقوله : «لا مجال» ، فهو تقريب لدفع التوهّم ، وضمير «أنها» راجع على قاعدة الملازمة ، «والمورد هاهنا» أي : في باب الإطاعة والمعصية.
توضيح بعض العبارات طبقا لما في «منتهى الدراية».
(١) تعليل لعدم قابلية المورد للحكم المولوي.
(٢) أي : بكفاية الإطاعة الظنية.
(٣) أي : من الإطاعة الظنية ، والمراد بالأزيد هو : الإطاعة العلمية ، وهذا إشارة إلى الأمر الأول مما تنحل إليه الإطاعة الظنية.
(٤) أي : بأقل من الإطاعة الظنية هذا إشارة إلى الأمر الثاني مما تنحل إليه الإطاعة الظنية ، والمراد من «بدونها» هو : الإطاعة الشكية والوهمية.
(٥) هذا هو الشرط الأول المعتبر في الحكم المولوي ، وقد تقدم بقولنا : «أحدهما أن يكون متعلقه فعل العبد ...» الخ.