.................................................................................................
______________________________________________________
إذا عرفت هذه المقدمة فالوجه في ذلك واضح ، فإن العقل إنما يستقل بحجية الظن وتقرير الجاهل في خصوص ما انسد عليه باب العلم فيه ، وهو نفس الحكم.
أما فيما يمكنه فيه العلم كالموضوعات الخارجية ومنها امتثال الحكم وتفريغ الذمة عنه : فلا يستقل بحجية الظن فيه ولا يعذر الجاهل.
ففي المقام : إذا ظن بالانسداد أن صلاة الجمعة واجبة كان هذا الظن في مرحلة ثبوت التكليف به حجة قطعا ، ووجبت عليه صلاة الجمعة ، فإذا ظن بالظن الانسدادي أيضا أنه أتى بصلاة الجمعة ، أو علم أنه أتى بصلاة قطعا ، وظن بالانسداد أن ما أتى به مطابق للمأمور به ، مع احتمال عدم الإتيان بها ، أو عدم مطابقته له لاختلال بعض الأجزاء أو الشرائط ، لم يكن هذا الظن حجة ؛ بل لا بد له في مقام الفراغ عما اشتغلت ذمته به من الرجوع إلى غير الظن من علم أو علمي أو أصل كقاعدتي الفراغ والتجاوز.
فحاصل ما اختاره المصنف هو : عدم حجية الظن الانسدادي في مقام الامتثال.
ومثل الظن بأصل الإتيان ـ في عدم الحجية ـ الظن بانطباق عنوان الواقع المنجز على المأتي به ؛ كما إذا علم بأنه أتى في أول الزوال بصلاة ، وبعد مضي زمان صلاة الجمعة حصل له الظن بأنه أتى بها بعنوان صلاة الجمعة لا صلاة الظهر ، فلا يكتفي بها ؛ بل عليه تحصيل اليقين بإتيان الواقع المنجز ، وكذا إذا حصل له الظن بأن قبلة أهل العراق ما بين المشرق والمغرب ؛ لكنه لم يتيقن بوقوع الصلاة إليها ؛ بل ظن به ، فإنه ظن في التطبيق ، ولا يندرج في الظن المعتبر بدليل الانسداد.
فالمتحصل : إن اعتبار الظن بدليل الانسداد إنما هو في نفس الأحكام لا في امتثالها ؛ كما في «منتهى الدراية ، ج ٥ ، ص ٩٢» مع تصرف وتلخيص منا.
توضيح بعض العبارات طبقا لما في «منتهى الدراية».
وضمير «فيها» و «معها» راجعان على الأحكام ، و «معها» متعلق بالتطبيق. والأولى تبديله ب «عليها». والأولى سوق العبارة هكذا : «لا حجيته في انطباق الواقع على المأتي به في الخارج» ؛ وذلك لأن الكلي هو الذي ينطبق على الفرد المتشخص الموجود في الخارج دون العكس.
قوله : «فيتبع» يعني الظن ، و «في وجوب» متعلق ب «يتبع» ، وضمير «يومها» راجع على الجمعة ، وضميرا «في إتيانها ، بإتيانها» راجعان على صلاة الجمعة.