فيه مهما أمكن ، وعدم وجوب الاحتياط شرعا أو عدم إمكانه عقلا ؛ كما (١) في موارد الضرر المردد أمره بين الوجوب والحرمة مثلا ، فلا محيص (٢) عن اتباع الظن حينئذ (٣) أيضا ، فافهم (٤).
______________________________________________________
«ومهما أمكن» قيد ل «عدم الرضاء».
(١) مثال لعدم إمكان الاحتياط عقلا ؛ لدورانه بين المحذورين ، كما أن المراد من «شرعا» قيام الدليل النقلي على عدم وجوب الاحتياط أو عدم جوازه.
(٢) هذه نتيجة جريان مقدمات الانسداد في بعض الموضوعات.
(٣) يعني : حين جريان مقدمات الانسداد في بعض الموضوعات الخارجية. وقوله : «أيضا» يعني : كما لا محيص عن اتباع الظن في الأحكام حال الانسداد.
(٤) لعله إشارة إلى عدم الحاجة إلى اعتبار الظن في مثل الضرر ونحوه بإجراء نظير مقدمات الانسداد ؛ كما نبّه عليه الشيخ «قدسسره» بقوله : وأما إذا أنيط ـ أي : الضرر ـ بموضوع الخوف فلا حاجة إلى ذلك ؛ بل يشمل حينئذ الشك أيضا ؛ وذلك لأن إجراءها فيه منوط بعدم الخوف موضوعا في الأدلة الشرعية كما في الإفطار والتيمم وغيرهما ، فإن الخوف فيهما موضوع ، أو طريق إلى الموضوع ، ومن المعلوم : أن الخوف يحصل بالاحتمال العقلائي ، ولا يحتاج إلى الظن ، فلا مانع من ترتيب أحكام الضرر بمجرد الاحتمال الموجب للخوف.
وخلاصة الكلام في المقام : أن الغرض من عقد هذا الفصل هو بيان عدم اعتبار الظن الانسدادي في مقام الامتثال ، بمعنى : أن الثابت بمقدمات الانسداد هو حجية الظن في إثبات التكليف لا في إسقاطه وامتثاله وتطبيق المأتي به على المأمور به.
فلو ظن المكلف بوجوب الدعاء عند رؤية الهلال : كان هذا الظن حجة. وأما لو شك في الساعة الثانية في أنه هل أتى بالدعاء أم لا؟ ثم حصل له الظن بالإتيان لم يكن ظنّه هذا حجة ؛ بل يجب عليه الإتيان بالدعاء ؛ لأن مقدمات الانسداد لم تدل على حجية الظن في مقام الامتثال ، فلا بد من الرجوع في مقام الامتثال إلى القواعد الخاصة بهذا المقام ؛ كالاستصحاب وقاعدة الفراغ وقاعدة التجاوز ونحوها.
ومن هنا يظهر ما هو رأي المصنف «قدسسره» من أن الظن الانسدادي إنما يكون حجة في مقام إثبات التكليف كما عرفت ، ولا يكون حجة في مقام إسقاط التكليف وامتثاله.