الاعتقاد به ، وعقد (١) القلب عليه ، وتحمله والانقياد له ، أو لا؟.
الظاهر : لا ، فإن (٢) الأمر الاعتقادي وإن انسد باب القطع به ؛ إلا إن باب الاعتقاد إجمالا ـ بما هو واقعه والانقياد له وتحمله ـ غير (٣) منسد ، بخلاف العمل بالجوارح ، فإنه لا يكاد يعلم مطابقته (٤) مع ما هو واقعه إلا بالاحتياط ، والمفروض (٥):
______________________________________________________
(١) هذا وما بعده بيان للاعتقاد والضمائر الأربعة المجرورة راجعة على الأصل الاعتقادي المستفاد من «الأصول الاعتقادية» ، وتأنيثها أولى.
ثم إن العلم والاعتقاد ليسا متلازمين ؛ بل النسبة بينهما عموم من وجه ؛ لاجتماعهما في بعض الموارد كمن يعلم بأصول العقائد ويعقد قلبه عليها ، ويفترقان في عقد القلب على ما هو عليه من دون علم به ؛ كاعتقاد أكثر المؤمنين بخصوصيات البرزخ والحشر مع عدم علمهم بها ، وفي علم بعض ببعض أصول العقائد ، مع عدم عقد القلب عليه كالمنافقين ، حيث إنهم يعلمون ببعض الأمور الاعتقادية ولا يعتقدون بها ؛ كما يشهد به قوله تعالى : (جَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ)(١).
(٢) تعليل لعدم حجية الظن في الأصول الاعتقادية. وحاصله : أن اعتبار الظن في الأصول الاعتقادية منوط بتمامية مقدمات الانسداد التي منها عدم إمكان الاحتياط المحرز عملا لمطابقة المأتي به للواقع ؛ ليدور الأمر بين الأخذ بالمظنون وطرفه ، ويقدم الأخذ بالمظنون نظرا إلى قبح ترجيح المرجوح على الراجح.
وهذا بخلاف الأصول الاعتقادية ، فإن باب الاعتقاد فيها ولو إجمالا مفتوح ، ومعه لا دوران حتى تصل النوبة إلى اعتبار الظن فيها.
(٣) خبر «إن باب» ، وقوله : «إجمالا» قيد للاعتقاد أي : الاعتقاد الإجمالي ، و «بما» متعلق ب «الاعتقاد» ، وضمير «واقعه» راجع على الأمر الاعتقادي.
وقوله : «والانقياد له وتحمله» عطف تفسيري للاعتقاد ، وضميرا «له ، تحمله» راجعان على الموصول في «بما هو».
(٤) أي : مطابقة العمل حال الانسداد كما هو مفروض البحث ، وضمير «فإنه» للشأن ، وضمير «واقعه» راجع على العمل بالجوارح.
(٥) والواو في «والمفروض» للحال أي : والحال أن الاحتياط غير واجب شرعا ، أو غير جائز عقلا ؛ كما تقدم في مقدمات الانسداد.
__________________
(١) النمل : ١٤.