شرعا معرفته ؛ كمعرفة الإمام «عليهالسلام» على وجه آخر (١) غير صحيح ؛ أو أمر آخر مما دل الشرع على وجوب معرفته.
وما لا دلالة (٢) على وجوب معرفته بالخصوص ، لا من العقل ولا من النقل كان (٣) أصالة البراءة من وجوب معرفته محكمة.
ولا دلالة لمثل قوله تعالى (٤): (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ)(*) ...
______________________________________________________
(١) وهو عدم كون الإمامة من المناصب الإلهية كما يقوله به غيرنا ، ووجوب معرفته حينئذ لا يكون عقليا ؛ لأنه على هذا المبنى الباطل ليس من وسائط نعمه «جل وعلا» ، فلو وجب معرفته لكان شرعيا كما ادعى دلالة الروايات المدعى تواترها مثل : «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية» (١) على ذلك.
قوله : «أو أمر آخر» عطف على «الإمام» ؛ وذلك كالمعاد الجسماني ، فإنه مما استقل العقل بوجوب وجوده ؛ لكن لم يحكم بوجوب معرفته ؛ لعدم وجود مناط الحكم العقلي ـ وهو شكر المنعم ـ فيه حتى تحصيل العلم به ، بل ولا يتم الحكم بوجوب العلم به بمناط دفع الضرر المحتمل أيضا.
نعم ؛ مقتضى كون المعاد من ضروريات الدين هو وجوب العلم به شرعا. وهناك كلام طويل تركناه رعاية للاختصار.
(٢) غرضه من هذا الكلام : تمهيد قاعدة في موارد الشك في وجوب المعرفة فيما لم يثبت وجوب معرفته عقلا ولا شرعا ، وأن أصالة البراءة محكمة فيها ، فينفي وجوبها ؛ لأنها المرجع فيها ، ولا تختص أصالة البراءة بالفروع العملية لعموم أدلتها.
(٣) خبر الموصول في «وما لا دلالة» المراد به الأصل الاعتقادي الذي لا دلالة على وجوب معرفته بالخصوص ، وضمير «معرفته» راجع على هذا الموصول أيضا.
(٤) إشارة إلى توهم وإشكال ودفعه ، والإشكال : أن ما ذكره المصنف من الرجوع إلى البراءة عند الشك وعدم دلالة على وجوب المعرفة مجرد فرض لا واقع له ؛ إذ هناك جملة من الآيات والروايات تدل على وجوب معرفة جميع ما جاء به النبي ، سواء كان من الأمور الاعتقادية أو الفرعية ، فليس هناك ما لا دلالة له على وجوب معرفته حتى يرجع فيه إلى أصالة البراءة ؛ بل المرجع عند الشك هو : عموم وجوب المعرفة المستفاد من
__________________
(*) الذاريات : ٥٦.
(١) الإيضاح : ٧٦ ، كمال الدين : ٤٠٩ / ٥ ، ينابيع المودة ٣ : ٣٧٣.