واستظهر بعض مشايخنا الجمع بين الأخبار الثلاثة بالتخيير (١).
والوجه التخيير بين الكلّ ، جمعا. وعدم ظهور قائل بما حكي عن الخلاف علينا لا يضرّ ، لأنّ الإجماع المنقول يكفي في إثبات الاستحباب. نعم عن المقنع إطلاق الوقوف على الصدر (٢) ، ومستنده غير واضح.
ومقتضى ظاهر أكثر الأخبار الوجوب ، إلاّ أنّ الإجماع أوجب الصرف عنه.
والعموم (٣) ، إلاّ أنّ تعسّره بل تعذّره عند التعدّد ، واستمرار العمل على خلافه أوجب التخصيص بالإمام والمنفرد. ولو اقتصر على ما إذا كثر المأمومون لكان أولى ، فيقف المأموم الواحد أو الاثنان خلف الإمام مقام الاستحباب ، ويدلّ عليه ما سيأتي من استحباب وقوف المأموم الواحد خلف الإمام ، فالتخصيص بالأوّلين مطلقا ليس بحسن.
ثمَّ إنّ لاستحباب هذا الوقوف قالوا : إذا تعدّدت الجنائز المختلفة بالذكورة والأنوثة جعل وسط الأوّل محاذيا لصدر الثانية (٤).
ولكنّ الأخبار الواردة عند التعدّد لا تساعده (٥) ، بل منها ما صرّح بوضع المرأة عند رجلي الرجل ، ومنها ما صرّح بوضع رأسها على أليتيه أو وركه. والأخيران أخصّان من الأوّل ، والمجموع ممّا مرّ ، لشمولهما الوحدة والتعدّد ، والاختلاف وعدمه ، والعمل بالخاصّ مقدّم.
ومنها : أنّه إذا اجتمعت الجنائز المختلفة جعل الرجل ممّا يلي الإمام والمرأة
__________________
(١) انظر : الحدائق ١٠ : ٤٢٧.
(٢) المقنع : ٢١.
(٣) عطف على الوجوب ، أي : مقتضى ظاهر أكثر الأخبار العموم.
(٤) كما في المختصر النافع : ٤٠ ، وكشف اللثام ١ : ١٢٦ ، والرياض ١ : ٢٠٥.
(٥) انظر : الوسائل ٣ : ١٢٤ أبواب صلاة الجنازة ب ٣٢.