مع أنّا نقول : إنّه لا علم لنا بلزوم خروج الأكثر أيضا ، لإمكان كون أزمنة ظهور القائم عليهالسلام أكثر بكثير من جميع تلك الأزمنة ، بل هو الظاهر من الأخبار ، بل يحتمل أن تكون في جميع أزمنة الغيبة للإمام بلاد وأصحاب كثيرة يقيمون الجمعة ، كما يستفاد من بعض الحكايات (١).
هذا كلّه مع أنّ كل ذلك إذا قلنا بوضع صلاة الجمعة للأعم. ولكن إذا قلنا بالوضع للصحيحة ، كما هو مذهب كثير من الأصحاب ، أو قلنا بأنّ خصوص الجمعة اسم لما فعل مع الإمام ، كما عن القاضي وبعض آخر ، وهو المحتمل ، فلا ينفع الاستدلال بالآية والأخبار أصلا ، بل اللازم إبطال هذين الأمرين ، ويكون جميع تلك الاستدلالات تطويلا بلا طائل ، وسكوتا عمّا يقول الخصم.
وقد يستدل أيضا بروايات أخر بيّنة الوهم لا فائدة في التعرض لها.
المسألة الثالثة : إذا ثبت انتفاء الوجوب العيني للجمعة فهل ينتفي عنها الجواز أيضا؟ أم لا وإذا ثبت في المسألة السابقة انتفاء الوجوب العيني للجمعة مع عدم حضور الإمام أو نائبه ، فهل ينتفي عنها الجواز أيضا؟ بمعنى تجويز الشارع فعلها بدلا عن الظهر ، ومعناه الوجوب التخييري ، وإلاّ فلا معنى للجواز بمعنى تساوي الطرفين مطلقا فيها.
أم لا ينتفي بل تجوز؟.
الأول الأظهر ، وفاقا لظاهر المفيد في الإرشاد (٢) ، والسيد في المواضع الثلاثة المتقدمة (٣) ، والشيخ في الجمل (٤) ، وصريح الحلي والديلمي وابن حمزة
__________________
(١) لعلّه أراد بها حكاية الجزيرة الخضراء ، أوردها في البحار ٥٢ : ١٥٩.
(٢) الإرشاد ٢ : ٣٤٢.
(٣) في ص : ١١ ولم يتوهم من قول السيد في الفقه الملكي : والأحوط ، أنّه لا يقول بانتفاء الوجوب ، حيث قال : والأحوط ان لا يصلي الجمعة إلاّ بإذن السلطان وإمام الزمان ، لأنّها إذا صليت على هذا الوجه انعقدت وجازت بإجماع ، وإذا لم يكن فيها إذن السلطان لم يقطع على صحتها وإجزائها. فإنّ آخر كلامه صريح في نفي الجواز ، والاحتياط عنده الدليل سيّما في هذا الكتاب الذي ردّ فيه على العامّة بالاحتياط ، وبناؤه فيه على ذلك. منه رحمهالله.
(٤) الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ١٩٠.