للذمة قطعا ، بخلاف الجمعة ؛ لأنّها إمّا جائزة أو محرّمة ، فلا تحصل البراءة اليقينية إلاّ بالظهر ، فيتعيّن وجوبه ، ويستلزمه عدم مشروعيّة الجمعة ؛ إذ مع مشروعيتّها لا يتعيّن وجوب الظهر.
ويدلّ عليه أيضا أنّ جوازها متوقف على التوقيف ، والأصل عدمه ؛ لأنّ المسلّم من الموقّف ما كان مع الإمام أو نائبه ، إذ عرفت احتمال كون الجمعة اسما لما كان معه ، مضافا إلى ما مرّ من سقوط إطلاقاتها بعروض الإجمال لها ، كما مرّ.
ويدلّ عليه أيضا أنّ جميع ما مرّ من الأخبار المستدلّ بها على الاشتراط أو أكثرها يدلّ على اشتراط الشرعية به ، فإذا انتفى الشرط انتفى المشروط.
خلافا للشيخ في المصباح والمعتبر والشرائع والنافع والنكت والروضة وظاهر الخلاف (١) ، وهو مختار والدي العلامة ـ رحمهالله ـ أخيرا :
فتجوز الجمعة بمعنى أنّها أحد فردي الواجب مطلقا ، فقيها كان الإمام أم لا ، بل تستحب ، فهي أفضل الفردين.
ونسب إلى نهاية الشيخ والحلبي والمختلف والتذكرة (٢) ، وليس كذلك ، ومنهم من نسبه إلى المشهور ، وفيه نظر.
أمّا الجواز بالمعنى المذكور ، فللجمع بين أدلة الاشتراط وعمومات الجمعة.
ولأوامر الجمعة ؛ فإنّ مقتضاها الوجوب ، وهو أعمّ من العيني أو التخييري ، ولمّا انتفى الأوّل بالإجماع أو أدلة الاشتراط أو بالأصل تعيّن الثاني.
ولحصول التعارض بين عمومات الظهر والجمعة وأصولهما فيرجع إلى التخيير.
ولمرسلة الكافي وموثقة سماعة وصحيحة زرارة المتتالية المتقدمة في أدلة المختار في المسألة السابقة (٣) ، الدالة على أنّ من صلّى الصلاة يوم الجمعة في جماعة أو مع
__________________
(١) مصباح المتهجد : ٣٢٤ ، المعتبر ٢ : ٢٩٧ ، الشرائع ١ : ٩٨ ، المختصر النافع ١ : ٣٦ ، الروضة ١ : ٣٠١ ، الخلاف ١ : ٦٢٦.
(٢) نسب إليهم في غاية المراد كما في مفتاح الكرامة ٣ : ٦٣.
(٣) راجع ص ٢١ و ٢٢.