وإلاّ ـ كما هو الواقع ـ فيمكن أن يكون معنى الفقرة الاولى : إن شاؤوا تركوا الأولى باقية في مكانها بعد تمام الصلاة عليها حتى يصلّى على الأخيرة إمّا صلاة مستأنفة ، كما هو أحد الاحتمالين ، أو منضمّة بعضها مع ما بقي من الاولى فتشترك الثانية مع الاولى فيما بقي منها ، ولا تشترك الاولى مع الثانية فيما زيد لها ، كما هو الاحتمال الآخر.
ومع ذلك يمكن أن يكون المراد بإتمام التكبير على الأخيرة استئناف الصلاة لها ، لا ضمّ الباقي مع ما أدركته من الاولى ، فيكون المراد من الصحيحة التخيير بين رفع الاولى وتركها بعد إتمام صلاتها.
ومنه يظهر وجه النظر في الأوّل أيضا ، مضافا إلى احتمال مذهب الإسكافي في الصحيحة أيضا ، وعدم دلالتها على القطع بوجه.
وأمّا في الثاني فلاحتمال أن يكون المراد منه بيان تجويز التشريك والتفريق ، مع بيان أولوية تقديم المتقدّمة من الجنائز مع التفريق ، فيكون المعنى : إن كنت تريد الصلاة على جنازة حاضرة فجاءت الأخرى ، فأنت بالخيار بين التشريك ، وبين أن تصلّي بالأولى ثمَّ بالثانية. وهذا المعنى وإن احتاج إلى حمل قوله « تصلّي » على إرادتها ولكنّ المعنى الذي راموه أيضا يحتاج إلى إرادته عليهالسلام ترك الصلاة بالأولى ، وإسقاط ما تقدّم من التكبير ، وهو خلاف الظاهر.
فالصواب أن يستدلّ للقول الأوّل بالأصل. فيقال بجواز القطع والصلاة عليهما معا ، لأصالة عدم حرمته. ودليل حرمة إبطال العمل ـ لو تمَّ ـ لم يجر هناك. وجواز الإتمام والاستيناف للثانية ، لأصالة عدم وجوب التعجيل لها ، ولا القطع ، ولا التشريك.
ولعلّ هذا مراد الفاضل في المنتهى حيث استدلّ بأنّ مع كلّ من شقّي التخيير تحصل الصلاة وهو المطلوب (١).
وأمّا احتمال جمعهما إلى أن يتمّ الخمس للثانية كما هو مذهب الإسكافي ،
__________________
(١) المنتهى ١ : ٤٥٨.