ثمَّ إنّ ما ذكر من رجحان الخروج يوم التروية لغير ذوي الأعذار ، وأمّا هم فلهم التقدّم بيوم أو يومين أو ثلاثة ، بلا خلاف يعرف ، للموثقة المذكورة ، ومرسلة البزنطي الآتية وغيرهما.
والأحوط عدم تقدّم ذوي الأعذار على الثلاثة ، كما تنطق به الأخبار المتقدّمة ، كما أنّ الأحوط لغيرهم عدم التقدّم على التروية.
ثمَّ الراجح أن يكون الخروج يوم التروية بعد الزوال ، والظاهر عدم الخلاف فيه أيضا ، ويدلّ عليه غير موثّقة إسحاق من الأخبار المذكورة طرّا.
وهل هو على سبيل الوجوب لغير ذوي الأعذار؟ كما يحكى عن الشيخ (١) ، للأخبار المذكورة المتضمّنة أكثرها للأمر ، ولصحيحة عليّ بن يقطين : عن الذي يريد أن يتقدّم فيه الذي ليس له وقت أول منه ، قال : « إذا زالت الشمس » ، وعن الذي يريد أن يتخلّف بمكّة عشيّة التروية إلى أيّ ساعة يسعه أن يتخلّف؟ قال : « ذلك موسّع له حتى يصبح بمنى » (٢).
أو الاستحباب؟ كما هو المشهور ، بل ظاهر الفاضل كونه إجماعيّا (٣) ، حيث حمل قول الشيخ على شدّة الاستحباب ، لرواية رفاعة : هل يخرج الناس إلى منى غدوة؟ قال : « نعم ، إلى غروب الشمس » (٤) ، وضعفها ـ لو كان ـ منجبر بالاشتهار ، وهي قرينة صارفة لسائر الأخبار عن ظاهرها ، مضافة إلى أنّ الدالّ على الوجوب لو ابقي وظاهره لخرج عن الحجيّة
__________________
(١) حكاه عنه في الحدائق ١٦ : ٣٥٠.
(٢) التهذيب ٥ : ١٧٥ ـ ٥٨٧ ، الاستبصار ٢ : ٢٥٢ ـ ٨٨٧ ، الوسائل ١٣ : ٥٢٠ أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ب ٢ ح ١.
(٣) المنتهى ٢ : ٧١٥.
(٤) الكافي ٤ : ٤٦٠ ـ ٣ ، التهذيب ٥ : ١٧٦ ـ ٥٨٨ ، الاستبصار ٢ : ٢٥٣ ـ ٨٨٨ ، الوسائل ١٣ : ٥٢٢ أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ب ٣ ح ٢.