به ، فإنّ العصير فعيل من العصر ، فهو كغيره من المشتقّات موضوع بالوضع النوعيّ للذات المبهمة المتّصفة بالمبدإ على وجه مخصوص ، ومن المعلوم أنّ ليس للفظ العصير من بين المشتقّات في أصل اللغة وضع يخصّصه ببعض الذوات كالعنب ، فإذن العصير ـ بمقتضى وضعه الأصلي ـ عامّ صادق على كلّ شيء معصور مطلقا ، عنبا كان أو تمرا أو زبيبا أو غير ذلك. انتهى.
فإنّا نقول : إنّا نسلّم عمومه باعتبار وضعه الأصلي ، ومقتضاه صدق العصير على كلّ ما وقع عليه العصر من عنب وتمر وزبيب وثوب ولبد ولحاف وغيرها ، وأمّا صدقه على الماء المستخرج مطلقا فبأيّ وضع؟
نوعي أو شخصيّ أو اشتقاقي؟ ودلالته عليه ليس بالوضع الأصلي الاشتقاقي ، وإنّما هو أمر طار عارضي ، يجب الفحص عن معروضه عموما وخصوصا ، وليس في كلام أهل اللغة ونحوهم من الأدباء تصريحا أو استعمالا مطلقا ما يدلّ على التعميم ، وإنّما هو محض استعمال في كلام الفقهاء لبيان المسألة ، ولو كان ذلك مقتضى الوضع الاشتقاقي للزم صحّة استعماله في الماء المستخرج من عصر الثوب واللبد واليد والشعر ، فيقال : عصير الثوب واليد والشعر إلى غير ذلك ، وبطلانه ظاهر جدّا.
بل في كلام المصباح إشارة إلى أنّه ليس وضعا اشتقاقيّا ، حيث قال : واسم ذلك الماء العصير ، ثمَّ قال : والعصارة ما سيل من العصر.
فإنّه لا يقال للضارب : إنّه اسم ذلك الشخص ، ولذا فرّق بين العصير والعصارة ، فالأول ليس مقتضى الوضع الوصفي الاشتقاقي ، وإنّما هو علميّ عارضي ، وهذا ظاهر جدّا.
وتؤكّد بعض ما ذكرنا صحيحة البجلي : « الخمر من خمسة : العصير