ومن أجل ذلك ـ بكل تأكيد ـ أخذ يجمع العلماء (١) ويجلبهم من أقاصي البلدان ، ويأمرهم بتهيئة أشكل المسائل وأصعبها ، وطرحها على الامام (ع) علّه يقطعه عن الحجة ، ولو مرة واحدة ؛ ليحط بذلك من كرامته ، ويشوه سمعته ، ويظهر عجزه وعيه ، ويرى الناس أن ما يدعيه من العلم والمعرفة بآثار رسول الله وعلومه لا حقيقة له ، ولا واقع وراءه ..
قال الصدوق عليه الرحمة : « .. كان المأمون يجلب على الامام (ع) من متكلمي الفرق ، وأهل الأهواء المضلة كل من سمع به ؛ حرصا على انقطاع الرضا (ع) عن الحجة مع واحد منهم إلخ .. » (٢).
وقال ابراهيم بن العباس : « سمعت العباس يقول : ..... وكان المأمون يمتحنه ( أي يمتحن الامام (ع) ـ ) بالسؤال عن كل شيء ؛ فيجيبه الجواب الشافي .. » (٣).
وقال أبو الصلت : « .. فلما لم يظهر منه للناس إلا ما ازداد به فضلا عندهم ، ومحلا في نفوسهم .. جلب عليه المتكلمين من البلدان ؛ طمعا في أن يقطعه واحد منهم ؛ فيسقط محله عند العلماء ؛ وبسببهم يشتهر نقصه عند العامة ؛ فكان لا يكلمه خصم من اليهود ، والنصارى ، والمجوس ، والصابئين ، والبراهمة ، والملحدين ، والدهرية ، ولا خصم
__________________
(١) مع أنه هو نفسه قد فرق عن الإمام تلامذته ، عند ما أخبروه أنه يقوم بمهمة التدريس ، كما أشرنا إليه!! ..
(٢) مسند الامام الرضا ج ٢ ص ١٠٥ ، والبحار ج ٤٩ ص ١٧٩ ، وعيون أخبار الرضا ج ١ ص ١٩١.
(٣) الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص ٢٣٧ ، وإعلام الورى ص ٣١٤ ، وأعيان الشيعة ج ٤ قسم ٢ ص ١٠٧ ، ويراجع أيضا : مناقب ابن شهرآشوب ج ٤ ص ٣٥٠ ، وغير ذلك.