أن قتل الإمام (ع) جهارا سوف يثير مشاعر العلويين والشيعة ، سواء من الخراسانيين ، أو من غيرهم ، بل هو يثير الامة بأسرها. ولسوف يعطيهم ، وخصوصا العلويين الفرصة ، بل والحق في القيام بوجه نظام الحكم من جديد .. وبكلمة .. سوف يخسر المأمون حينئذ كل ما كان يرى نفسه أنه قد ربحه ، هذا إن لم تكن النتيجة أسوأ من ذلك بكثير .. وأسوأ مما يتصور.
وإذن .. فلا بد للقضاء على الإمام من إعمال الحيلة ، واحكام الخطة ، ودراستها دراسة كافية ووافية.
وحاول أن يقضي على الامام (ع) ، والفضل معا ، مرة واحدة في حمام سرخس. ولكن يقظة الامام (ع) ، ووعيه قد حال دون ذلك ؛ حيث إنه رفض الذهاب إلى الحمام. وأصر المأمون بدوره على ذلك ، وأعاد عليه الرقعة مرتين!!. لكن الامام قد بيّن له بيانا قاطعا : أنه لن يدخل الحمام بأي وجه من الوجوه .. كما أنه (ع) قد حاول أن يدفع المكيدة عن الفضل ؛ فقال للمأمون : « ولا أرى للفضل أن يدخل الحمام غدا .. ». لكن المأمون يصر على أن يدخل الفضل الحمام ، ويمتنع من تحذيره ؛ حيث قال للامام : « وأما الفضل فهو أعلم وما يفعله .. » (١).
ونجح المأمون في تنفيذ أحد جزئي مهمته ، وفشل في تنفيذ الجزء
__________________
(١) قد تقدم بعض مصادر هذا النص في فصل : شخصية الامام الرضا ، عند ذكر التجاء المأمون إلى الرضا (ع) عند ما شغب عليه الجند ، بسبب مقتل الفضل.