وهيئت له آنئذ عجة من مخ وسكر ، فاستطابها ، فقال : « أراد ابراهيم أن يحرمني هذا وأمثاله (١) ».
وأرسل إلى كل باب من أبواب عاصمته ـ وهي الكوفة آنئذ ـ إبلا ودوابا ، حتى إذا أتى إبراهيم وجيشه من ناحية ، هرب هو إلى الري من الناحية الأخرى (٢) ..
وفي حربه ـ أي المنصور ـ مع محمد بن عبد الله اتسخت ثيابه جدا ، حيث لم ينزعها عن بدنه أكثر من خمسين يوما (٣) ..
وكان لا يستطيع أن يتابع كلامه من كثرة همه (٤) ..
وأخيرا .. فكم من مرة رأيناه يجلب الامام الصادق عليهالسلام ، ويتهدده ويتوعده ، ويتهمه بأنه يدبر للخروج عليه وعلى سلطانه.
فكل ذلك يدل دلالة واضحة على مدى رعب المنصور ، وخوفه من العلويين ، وما ذلك إلا لإدراكه مدى ما يتمتعون به من التأييد ، في مختلف الطبقات ، وعند جميع الفئات ..
__________________
(١) مروج الذهب ج ٣ ص ٢٩٨ وهذا يعبر بوضوح عن نوعية تفكير خليفة المسلمين ونوعية طموحاته ..
(٢) الطبري ج ١٠ ص ٣١٧ ، طبع ليدن ، وتاريخ اليعقوبي ج ٣ ص ١١٣ ، ومرآة الجنان ج ١ ص ٢٩٩ ، وشرح ميمية أبي فراس ص ١١٦ ، وفرج المهموم في تاريخ علماء النجوم ص ٢١٠ ، نقلا عن تجارب الامم لابن مسكويه ج ٤ ..
(٣) الطبري ج ١٠ ص ٣٠٦ ، وتاريخ ابن خلدون ج ٣ ص ١٩٥ ، والكامل لابن الأثير ج ٥ ص ١٨ ، والمحاسن والمساوي ص ٣٧٣ ، والبداية والنهاية ج ١٠ ص ٩٣ ، وأنساب الأشراف للبلاذري ج ٣ ص ١١٨.
(٤) البداية والنهاية ج ١٠ ص ٩٣. وقال اليافعي في مرآة الجنان ج ١ ص ٢٩٨ ، ٢٩٩ : « .. ولم يأو إلى فراش خمسين ليلة ، وكان كل يوم يأتيه فتق من ناحية .. هذا ، ومائة ألف سيف كامنة له بالكوفة ؛ قالوا : ولو لا السعادة لسل عرشه بدون ذلك » ..