وأورد الاستاذ العلاّمة عليه بوجوه من الايرادات :
الأوّل : أنّه لا معنى لمنع كون قبح التجري ذاتيا ، بل بالوجوه والاعتبار ؛ فانّا وان لم نقل بكون الحسن والقبح ذاتيّين في جميع الأفعال إلاّ أنّا لا نقول بكونهما إعتباريّين كذلك أيضا ، بل يختلفان بحسب المقامات كما إختاره هذا المحقّق المفصّل أيضا في مسألة التّحسين والتقبيح العقليّين.
والتجرّي على المولى ممّا يستقلّ العقل بقبحه ذاتا سواء كان على المنكشف أو الكاشف وان هو من هذه الجهة إلاّ كالظّلم الذي يستقلّ العقل بقبحه ذاتا ، بمعنى عدم انفكاك ذات الظلم أينما تحقّقت عن القبح ، فالاذيّة إن لم تكن قبيحا لم تكن ظلما كضرب اليتيم للتأديب وأكل مال الغير تقاصّا.
بل التحقيق : أنّ التجري على المولى يشبه الظّلم عليه ؛ لأنّ الظلم عبارة عن فعل ما لا يجوز بالنّسبة إلى المظلوم ، ومن المعلوم أنّ التجري على المولى كمعصيته ممّا يستقلّ العقل بكونه ظلما عليه من حيث إنّ [ من ](١) حقّ المولى على العبد أن يطيعه و [ ينقاد إليه ](٢) وليس الظّلم عبارة عن خصوص الضرب أو الشتم أو أكل مال الغير بغير حقّ ، حتى يقال بعدم شموله للتجري على معصية المولى هذا.
ولكن قد يقال : بأنّ البناء على كونه ملحقا بالظّلم بالمعنى الذي عرفته ربّما ينافي عدم حرمته ؛ إذ كيف يمكن الجمع بين كون التجرّي قبيحا ذاتا كالظّلم
__________________
(١) زيادة يقتضيها سياق الكلام.
(٢) في الأصل ( ينقاده ) والصحيح ما أثبتناه.