نعم ، الظّاهر من بعض أمثلته في طيّ كلامه هو كون المراد الأعمّ كما لا يخفى.
نعم ، ذكر في باب التقليد في فصل معذوريّة الجاهل ـ قبل هذا الكلام المنقول عنه في « الكتاب » ـ : انّه لو اعتقد وجوب ما ليس بواجب فان كان من طريق معتبر كان مستحقّا للثّواب ولو صادف الحرام الواقعي ، وان لم يكن من طريق معتبر لا يستحقّ الثّواب اذا صادف الحرام قطعا ، ويستحقه على اشكال اذا صادف غير الحرام (١). هذا حاصل كلامه ولا دخل له بالمقام أصلا ، وان كان لا يخلو عن مناقشة كما ستعرف ان شاء الله تعالى.
ثمّ انّ مدرك هذا التفصيل على ما يفصح عنه كلامه قدسسره عدم كون قبح التّجرى ذاتيّا مستحيل الانفكاك عن الذات حتّى لا يتفاوت الامر بين صور المصادفة مع غير الحرام بل الوجوه والاعتبارات المنضّمة اليه ، فالتجرّى الغير المصادف للاتيان بالواجب الواقعي الغير المشروط بقصد التّقرب قبيح والتّجرى المصادف له غير قبيح ، مؤيدا ذلك ببناء العقلاء على عدم استحقاق المتجرّي المؤاخذة على فعله في القسم الاخير اذا اطّلعوا عليه كما يظهر ممّا ذكرنا من المثال العرفي وغيره. بل استحقاقه المدح في بعض الصّور من غير فرق في ذلك بين التّجري بارتكاب ما يقطع بحرمته وبين ما أدّى الطريق المعتبر إلى حرمته وإن لم يجوّز العقل التجري لمن قام في حقه الطريق باحتمال خطأه ومصادفته لما يكون العبد بفعله معذورا من جهة استقلاله بوجوب دفع الضّرر المظنون وإختيار ما يقطع معه بالسّلامة هذا.
__________________
(١) الفصول الغرويّة : ص ٤٣١ وأنظر أيضا ص ٣٠١.