من جهة قطعه بكونه كافرا أو عدوّا للمولى فتجرى ولم يقتله مع مصادفة قطعه لمن يحرم قتله من المؤمن أو الحبيب ، فلا معنى للحكم بارتفاع قبح التجرّي من جهة هذه المصادفة التي لا يترتّب عليها أثر.
ولذا التزم الخصم بأنّه لو قتله كان معذورا ؛ ضرورة أنّ معذوريّته لا تجامع إلاّ مع عدم حرمته وإلاّ فلا معنى للحكم بالعذر ، فترك قتل المؤمن من جهة كونه مجهول العنوان لا يمكن أن يتّصف بحسن حتى يرفع قبح التجري ، كما أنّ فعله من جهة كونه مجهول العنوان لا يمكن أن يتصف بقبح حتى ترفع حسن الانقياد على تقدير اختياره الفعل بعنوان [ الإنقياد للمولى ](١).
فان قلت : ما ذكرته انّما يستقيم على تقدير القطع بعدم تحقّق ما هو المقتضي للحسن وان كان مخالفا للواقع ، وأمّا على تقدير الظن المعتبر به كما إذا فرض قيام الطريق الظني إلى معرفة الكافر أو العدوّ في المثال المفروض فلا معنى للقول باستقلال العقل في الحكم بالقبح مع تجويزه وجود ما يرفعه ؛ ضرورة أنّ المعروض للقبح عند التحقيق هو التجري الغير المصادف لما يصادمه ، فالشك في القيد يوجب الشك في المقيّد ومعه لا يمكن الحكم القطعي بما هو محموله ، غاية الأمر حكم العقل به ظنّا من جهة ظنّه بتحقّق الموضوع فيكون حكمه به إذن حكما ظاهريّا لا واقعيّا ؛ فانّ العقل وان لم يجوّز ضرب اليتيم مع احتمال حصول التاديب ، والكذب مع إحتمال ترتب المصلحة عليه ، إلاّ أن عدم تجويزه ظاهريّ مبنيّ على الظن بتحقّق ما هو المناط ، فلم يبق إذن فرق بين هذا القول والقول
__________________
(١) في الاصل : بعنوان انقياد المولى.