ثبوت موضوعه فضلا عمّا لو اعتقد عدم الثبوت ، فاذا فرض حكم العقل بقبح إرتكاب المضرّ لم يكن معنى للقول باحتمال وجود حكمه مع احتمال الضّرر فيه ، بل مع احتماله يقطع بعدم حكم العقل بقبحه ؛ ضرورة أنّ الحكم من الوجدانيّات للحاكم فاذا كان هذا حال صورة الاحتمال ، فكيف حال ما إذا قطع بعدم وجود الضّرر في شيء مع كونه مضرّا في الواقع؟
نعم ، لو فرض لحوق حكم العقل واقعا لمحتمل الضّرر ، كان حكم العقل موجودا مع الاحتمال لكنّه خروج عن الفرض كما لا يخفى. فنقول في المقام :
إنّه إذا فرض قطع العبد بحرمة شيء أو وجوبه لم يكن ريب في تحقّق التجري على تقدير اتيانه بالفعل في الأوّل وتركه له في الثاني حسبما إعترف به الخصم ، ولا يعقل منعه أيضا. وان صادف إعتقاده في الأوّل واجبا توصّليا وفي الثاني حراما توصّليا يحكم العقل بحسن الاتيان به على التقدير الأوّل وقبحه على التقدير الثاني على تقدير العلم بعنوانهما المقتضي لهما في نظره ، ولا يعقل اتصاف العنوان الواقعي بالحسن في الأوّل والقبح في الثاني حتى يكون مزاحما لعنوان التجرّي المقتضي للقبح في نظر العقل ؛ إذ ليس قبح التجري مقيّدا بعدم ذلك العنوان في الواقع حتّى يكون وجوده الواقعي رافعا لقبح التجرّي ، بل مقيّد بعدم الحسن الفائق على قبحه.
ومن المعلوم عدم عروض الحسن للعنوان الواقعي إلاّ مع العلم ، به إذ الحسن من مقولة الحكم والانشاء للعقل حسبما عرفت ، فلا واقعية له. وليس الحسن والقبح من قبيل المصلحة والمفسدة حتى يكون وجودهما الواقعي تابعا لوجود ما هو الموضوع لهما واقعا ، فاذا قطع العبد بوجوب قتل شخص وانّ المولى أمر بقتله