علّة تامة لهما مطلقا على ما هو معنى الذاتي ، حيث أنّه ما لا يتخلف عن الذات أو بالاعتبار مطلقا بمعنى عدم إقتضاء ذات الأفعال شيئا منهما نظير عدم إقتضاء ذات الممكن شيئا من الوجود والعدم ، أو التفصيل بين القبح والحسن أو التفصيل بين الافعال ، بمعنى كونهما في بعضها من الذاتيات بمعنى العلّة ، وفي بعضها من الاعتباريات بالمعنى الذي عرفته ، وفي بعضها من الذاتيّات بمعنى إقتضاء الذات لهما لو خلّيت وطبعها بحيث لا ينافي عدم فعليّتهما لمانع يمنع عن تأثير المقتضي.
والذاتي بهذا المعنى أيضا لا يمكن أن يتخلّف عن الذات ؛ ضرورة امتناع تخلّف الذاتي عن الذات مطلقا ، إلاّ أنّ مقتضى الذات قد يكون العلّية ، وقد يكون الاقتضاء والسببيّة. وهذا أمر ظاهر ، وهذا هو المختار للاستاذ العلاّمة من بين الوجوه ، وفاقا لجمع من المحققين.
فلذا ذكر ( دام ظلّه ) : أن التجرّي لو سلّم أنّه ليس علّة تامّة للقبح كالظلم ، فلا أقل من أن يكون مقتضيا له ، كالكذب ، فجعله ممّا لا يقتضي بالنّظر إلى ذاتها شيئا ، ممّا لا وجه له. فاذا ثبت كونه مقتضيا للقبح في نظر العقل ، فلا معنى للحكم بعدم قبحه في مورد إلاّ بانضمام ما يتدارك به قبحه من الحسن الفائق عليه أو المقاوم له ؛ ضرورة أنّ المانع من الجهة العقليّة ليس إلاّ ما يكون من سنخها من حيث الثبوت من العقل حتى يتحقّق التضاد والتمانع.
ومن المعلوم المقرّر في محلّه تفصيلا : أنّ العقل لا يحكم بالقبح أو الحسن بالنّسبة إلى عنوان إلاّ بعد القطع به ، وليس للحكم العقلي واقعية كالحكم الشرعي يتبع العنوان الواقعي المعلوم عند الشارع مع عدم علم المكلّف به ؛ ضرورة أنّ الحكم ليس له واقعية بالنظر إلى نفس الحاكم ، حتى يحتمل ثبوته مع إحتمال