هذا أيضا لا يخلو عن تأمّل ظاهر. نعم ، قد يجعل الاجماع على العفو من القصد المجرّد شاهدا لهذا الجمع ، فتدبّر.
ثانيهما : حمل ما دلّ على العفو على القصد الّذي ارتدع عنه القاصد بنفسه ، وما دلّ على عدمه على ما إذا بقي على القصد حتى حصل له العجز عن الفعل لا باختياره ، ولو لم يفعل بعض مقدّمات الفعل أيضا ، والمراد من الارتداع بنفسه ليس هو الرجوع اليه والانابة عن القصد ، فانّه عين الالتزام بحرمة القصد إلى الحرام ، بل مجرّد الارتداع عنه بأيّ داع كان.
وهذا الوجه من الجمع كما ترى لا شاهد له أصلا.
وكيف كان : لا إشكال في عدم حرمة القصد المجرّد ؛ لأنّه ممّا انعقد الاجماع عليه ظاهرا ونطقت به الأخبار بالصراحة فلا يمكن الحكم إذن بحرمته ، فتعيّن إذن التصرّف فيما دلّ على حرمته مطلقا. وليس المقام ممّا يجوز الرّجوع فيه إلى المرجّحات السّنديّة وغيرها أيضا ، بل يتعيّن التصرف في الدلالة والظهور بما كان قريبا ، وإلاّ فلا بدّ من الحكم بالاجمال بالنّسبة إلى غير ما تيقّن ارادته والرجوع إلى الاصول العمليّة على ما هو الشأن في جميع صور تعارض ما لا يجري فيه الطّرح بحسب السند هذا.
وهنا : جمع آخر لم يشر اليه الاستاذ العلاّمة ( دام ظلّه ) له : وهو حمل ما دلّ على العفو على نيّة المؤمن وحمل ما دلّ على عدمه على نيّة الكافر ، ويشهد له بعض الاخبار أيضا.
ولكنّك خبير : بأنّ حمل ما دلّ على المؤاخذة على نيّة الكافر لا يتمشّى بالنّسبة إلى جميع ما دلّ عليها وكيف يحمل قوله : ـ « إذا التقى المسلمان