(٣٠) قوله : ( ومن الواضحات لما ذكرنا ... إلى آخره ). ( ج ١ / ٥٣ )
أقول : لا يخفى عليك أنّ المشّائيّين والاشراقيّين طائفتان من الحكماء ، ورئيس الطائفة الاولى المعلّم الأوّل ورئيس الطائفة الثانية من قدماء الحكماء ، أستاذه يعني أفلاطون ، ومن المتأخرين الشيخ السهروردي من الطائفة الناجية الشيعة كثّرهم الله تعالى وحشرهم مع ائمتهم الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين (١).
والطائفة الاولى ذهبوا إلى أنّ تحصيل المعارف والمطالب بالرياضات والتصفية والمكاشفات ممّا لا معنى له ، بل لا بدّ من سلوك طريق الاستدلال والوقوف على حقيقة الأشياء بالبرهان. وذكروا في وجه تسميتهم بالمشائين أمورا مثل : أنّ بناء المعلّم كان على التدريس حين مشيه ذهابا إلى خدمة الاسكندر وأيابا منها ، ومثل : أنّ بنائهم كان على التعلّم والمشي إلى منزل الأستاذ إلى غير ذلك.
والثانية ذهبوا إلى أنّ الوقوف على حقيقة الأشياء بالبرهان ممّا لا معنى له ، بل لا بدّ من الوصول اليها بطريق المكاشفة وتصفية الباطن حتى يصير محلا للفيض وقابلا له ، ومن هنا ذكر بعضهم ( پاى استدلاليان چوبين بود ) (٢) وللفريقين إختلافات كثيرة في مسائل شتّى.
__________________
(١) يريد بالمعلم الأوّل : أرسطوطاليس اليوناني الذي هو من تلامذة أفلاطون الحكيم. وأمّا عدّ الشيخ شهاب الدين السّهروردي ـ المقتول صاحب حكمة الإشراق ـ من الشيعة الإماميّة فشيء لا مجال لتصديقه كما يشهد به واقعه التاريخي.
(٢) لمولاهم جلال الرّومي في كتابه ( مثنوي معنوي ) الدفتر الأوّل رقم البيت : ٢١٢٨.