ويبقى بكماله كما لو كان أحد الاستحقاقين مثلا خمسة والآخر عشرة ؛ فانّ الخمسة تسقط وتبقى العشرة ، وهذا هو المراد بالاحباط عندهم ويسمى به.
وأنت خبير بأنّ شيئا من الآيات والأخبار لا يدلّ على ثبوت هذا المعنى حتى الاحباط بالشرك والارتداد الذي دلّ عليه الأدلّة الثّلاثة.
ثانيهما : قول أبي هاشم ابنه وتابعيه وهو : أنّه يسقط من الزائد ما قابل النّاقص ويبقى الباقي ، ففي المثال المذكور يسقط الخمسة ويبقى الخمسة وهذا المعنى يسمّى عندهم بالموازنة ولا دخل له بالاحباط ، وان أبطله كثير من محقّقي المتكلّمين أيضا : بأنّ ذلك موقوف على وجود الاضافات في الخارج كالأخوّة والبنوّة ونحوهما وهو محال ؛ لأنّها لو كانت موجودة في الخارج مع أنّها اعراض مفتقرة إلى المحلّ يكون لها إضافة إلى ذلك المحلّ لا محالة فيقال فيها كما قلنا في الأوّل فيلزم التّسلسل ، وهو باطل فيلزم منه بطلان وجودها في الخارج ؛ لأنّ ما بني على الباطل باطل ، وقول الحكماء بوجودها لا يلزم الالتزام بوجودها في الخارج ، بل يكفي الالتزام بوجودها في الذهن والعقل. هذا ما تقتضيه كلمة المتكلّمين وتفصيل القول في ذلك وتحقيق البحث فيه في محلّه (١).
وأمّا الذي يقتضيه ظواهر الآيات والأخبار فهو أمر آخر وحاصله : أنّ استحقاق الأجر والثواب بحيث يترتب على العمل ، مشروط بالموافات لقوله تعالى : ( لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ )(٢) وقوله تعالى : ( مَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ )(٣) الآية. وقوله تعالى : ( فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا
__________________
(١) أنظر مجمع البحرين مادة « حبط » ومظانّ البحث في الكتب الكلاميّة.
(٢) الزّمر : ٦٥.
(٣) البقرة : ٢١٧.