ولكن يمكن التفصّي عن الاشكال بسببها على ما صرّح به قدسسره في مجلس البحث بارجاعها الى أصالة البراءة على القول بعدم الجعل في الاحكام الوضعيّة كما استقرّ عليه رأي المحقّقين واختاره قدسسره في باب الاستصحاب (١) ؛ فانّ النجاسة منتزعة ـ بناء عليه ـ عن وجوب الاجتناب والطهارة عن عدم وجوب الاجتناب ، وجواز التصرّف على ما ذكره الشهيد قدسسره ، فالمراد بأصالة الطهارة أصالة البراءة عن وجوب الاجتناب وأصالة إباحة التصرّفات فافهم واغتنم ، هذا بعض الكلام في بيان الاشكال الأوّل ودفعه.
وأمّا الاشكال الثاني : وهو الاشكال المتوجّه على بيان مجاري الاصول فبيانه : انه لا شبهة في انّ مرجع ما أفاده قدسسره في بيان مجرى كلّ واحد منها الى كلّيّتين ، وبعبارة أخرى : الى الحدّ التام كما هو ظاهر ، فما افاده لمجرى الاستصحاب ، يرجع الى انّه لا استصحاب إلاّ ويجري في الشك الذي يلاحظ فيه الحالة السابقة سواء كان الشك في التكليف أو المكلّف به ، أمكن فيه الاحتياط أم لا. وليس الشك الذي يلاحظ فيه الحالة السابقة إلاّ ويجري فيه الاستصحاب دون غيره ، وهكذا ما أفاده في بيان مجاري ساير الاصول.
وهذا كما ترى ، إنّما يستقيم في خصوص مجرى الاستصحاب على التحقيق ـ وان كان قد يناقش فيما أفاده بالنّسبة الى مجرى الاستصحاب أيضا : بانّ
__________________
حتى تعلم أنّه قذر ، فإذا علمت فقد قذر وما لم تعلم فليس عليك. انظر التهذيب : ج ١ / ٢٨٤ / ٨٣٢ ، عنه الوسائل : ج ٣ / ٤٦٧ باب « ان كل شيء طاهر حتى يعلم ورود النجاسة عليه » ـ ح ٤.
(١) فرائد الاصول : ج ٣ / ١٢٥.