بوجوب دفع الضّرر المحتمل ، وإلاّ لزم إقحام الانبياء وجعلوه مبنى وجوب شكر المنعم المتوقّف على معرفة المنعم فتجب نفس المعرفة مقدّمة ، وان كان هناك وجه آخر أيضا لوجوب شكر المنعم غير قاعدة دفع الضّرر المحتمل ، بل قد حكموا برجحان الاحتياط في الشك في التكليف بعد التفحّص أيضا ، فكيف يقال باختصاصه بالشك في المكلّف به؟ هذا.
ولكن يمكن التفصّي عن هذا الاشكال أيضا : أمّا عن انتقاض مجرى التخيير ـ طردا وعكسا بمجري البراءة عند دوران الأمر بين حكمي الالزاميّين وغيره ـ : فبأن الحيثيّة المسوّغة للرجوع الى البراءة في الفرض هو عدم العلم بالتكليف والحكم الالزامي ودوران الأمر بين الالزام بقول مطلق وغيره ، ومن المعلوم امكان الاحتياط بهذا اللّحاظ باختيار جانب الإلزام كما في دوران الأمر بين الوجوب وغير الحرمة مثلا ، إلاّ انّ الالزام المطلق في المقام لما كان مردّدا بين النوعين منه ولم يمكن الاحتياط بملاحظة هذه الحيثية ، فلا محالة يحكم بالتخيير على تقدير اختيار المكلّف جانب الإلزام احتياطا ، فباختلاف الحيثية يندفع الاشكال كما لا يخفى.
ولكن يمكن أن يقال : انّه لا يفيد اختلاف الحيثيّة أصلا ؛ فانّ الحكم الظاهري في الواقعة ليس (١) إلاّ الاباحة أو الجواز لا الاباحة والتخيير بين الوجوب والتحريم كما هو واضح ، فاختلافها انّما يجدي في دفع الاشكال فيما لو اوجبت اختلاف الحكم وهو غير واقع ، بل غير ممكن ، فالاشكال متوجّه جدّا
__________________
(١) في الأصل : « ليست » والصحيح ما أثبتناه.