فتأمّل ، فالأولى تقييد عدم امكان الاحتياط في مجرى التخيير بحيثية دوران الأمر بين المحذورين. أي : الوجوب والتحريم.
وأمّا عند دوران الأمر بين الوجوب والتحريم ـ : فبانّ الذي عليه المشهور من غير اشكال عندهم فيه ، بل عليه الاستاذ العلاّمة قدسسره في هذه الرسالة أخيرا في غير الشبهات الموضوعيّة ـ التخيير لا البراءة ، وان كان مختاره في « رسالة أصالة البراءة » : التوقف وعدم الالتزام بحكم ولو ظاهرا ، لا التخيير ولا الإباحة والبراءة ، وعليه أيضا : لا يرد اشكال على مجرى البراءة وانّما ينتقض مجرى التخيير عكسا في الجملة.
فإن شئت قلت : إن مبنى الحصر الذي أفاده على ثبوت أصالة التخيير في الشبهات الحكميّة ومبنى الإشكال المذكور على نفيها فتأمّل (١).
وأمّا عن انتقاض مجرى كلّ واحد من البراءة والاحتياط ـ طردا بمجرى التخيير وانتقاضه عكسا بمجريهما في الشّك النّاشيء من تعارض النصّين المتكافئين ـ : فبانّ التخيير بين النصّين المتكافئين تخيير في المسألة الاصولية وليس من الاصول العمليّة في شيء ، كما ستقف على تفصيل القول فيه في محلّه انشاء الله تعالى ، ولذا يكون جاريا في مجرى الاستصحاب ومانعا عن جريانه هذا.
__________________
(١) وجه التأمّل : أن ورود الإشكال لا يوجب نفي أصالة التخيير في الشبهات الحكميّة غاية ما هناك اختصاص موردها بما إذا كان المحتملان ـ أي : الوجوب والحرمة ـ تعبّديين فافهم. منه دام ظلّه العالي.