وأمّا عن انتقاض كلّ من مجرى البراءة والاحتياط بالآخر : فبأنّ القائل بالبراءة في مسألة دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر يرجع الشك لا محالة الى الشكّ في التكليف فتدبّر.
وأمّا عدم وجوب الاحتياط في الشبهة الغير المحصورة فلقيام الدليل الخاصّ على قناعة الشارع عن الحرام الواقعي ببعض محتملاته ، وهذا ليس من الرّجوع الى البراءة في شيء فتأمّل وانتظر لتمام الكلام في محلّه.
وأمّا رجحان الاحتياط في الشّك في التكليف بعد الفحص حتى مع وجود الطريق الشرعي على نفي الالزام فلا يرد نقضا ؛ لأنّ الكلام في الاحتياط اللاّزم وبعبارة أخرى : الكلام إنّما هو في مجرى أصالة الاشتغال فتدبّر.
وأمّا لزومه في الشّك في التكليف قبل الفحص فيمكن منعه : بانّ المورد مورد البراءة غاية الأمر كونها مشروطة بالفحص كساير الاصول الحكميّة ـ غير الاحتياط ـ على التحقيق ، فيجب عليه الفحص على تقدير ارادة العمل باصالة البراءة إلاّ انّه يجوز له العمل بالاحتياط من دون فحص فتدبّر.
نعم ، يمكن أن يقال : فيما يعلم المكلّف بحصول العلم له بعد الفحص بعدم مورد للبراءة فيه لا قبل الفحص ولا بعده ، اللهم إلاّ ان يقال : انّ المورد مورد البراءة غاية الأمر انّه يرتفع موضوع البراءة بعد الفحص فتأمّل.
ومنه يعلم الكلام في مسألة النّظر في المعجزة ؛ لأنّ نفي وجوب النّظر يتوقّف على الفحص عن وجوبه المتوقف على معرفة النبي فتدبّر. وليته حرّر المقام كما حرّره في رسالة أصالة البراءة ؛ فانّه سليم عن هذه المناقشة وجملة من المناقشات ، وان لم تخل عن مناقشات غير مخفيّة على الراجع إلى ما ذكرنا في المقام.