دلالته والاغماض عمّا فيه لا يمنع من الاحتياط ؛ إذ كما يتمكّن من قصد التقرّب بامتثال الخطاب المردّد كذلك يتمكّن من جعل الدّاعي على الامتثال ، امتثال الخطاب الوجوبي بمعنى أنّه يقصد وجوب أحد الفعلين مثلا.
توضيح ذلك : أنّهم إختلفوا في إعتبار قصد الوجه في صحّة العبادات ، ظاهر المتكلّمين الاتفاق عليه وتبعهم على ذلك جمع من الفقهاء ، وظاهر آخرين بل صريحهم عدم اعتباره.
قال المحقّق قدسسره ـ في محكيّ « المدارك » عن بعض تحقيقاته ـ : « الذي ظهر لي أنّ نيّة الوجوب والنّدب ليست شرطا في صحّة الطّهارة ، وإنّما يفتقر الوضوء إلى نيّة القربة وهو إختيار الشيخ أبي جعفر الطوسي في « النهاية » ، وأنّ الاخلال بنيّة الوجوب ليس مؤثرا في بطلانه ولا إضافتها مضرّة ولو كانت غير مطابقة لحال الوضوء في وجوبه وندبه. وما يقوله المتكلّمون من أنّ الإرادة تؤثر في حسن الفعل وقبحه فإذا نوى الوجوب والوضوء مندوب فقد قصد ايقاع الفعل على غير وجهه كلام شعريّ ولو كان له حقيقة لكان الناوي مخطئا في نيّته ولم تكن النيّة مخرجة للوضوء عن التقرب به » (١). أنتهى كلامه رفع مقامه.
وقد إستجوده في « المدارك » (٢) وظاهره بل صريحه : عدم قدح قصد الخلاف الذي قال به جماعة ممّن ذهب إلى عدم إعتبار قصد الوجه ، ومعرفة الوجه وتفصيل القول في ذلك في الفقه. والمقصود التكلم في ذلك على سبيل الايجاز لكي يعلم منه عدم مانعيّة القول بالاعتبار عن الاحتياط.
__________________
(١) مدارك الأحكام : ج ١ / ١٨٨ ، حكاه عن المعتبر : ج ١ / ١٣٩.
(٢) مدارك الأحكام : ج ١ / ١٨٩.