وفي الثاني ، اكتفوا بقصد الوجه الظّني مع أنّه لا فرق عند التحقيق على تقدير كفايته بين اعتبار الظن وعدمه ، بل بين الظّن والاحتمال كما لا يخفي. ودعوى إمكان القصد مع الظّن وعدم إمكانه مع الشّك أو الوهم كما ترى. كيف! ولو كان كذلك لم يتحقق قصد التقرب في العبادات المحتملة؟
والقول : بأنّ المقصود ـ فيما كان الظّن معتبرا ـ الوجه القطعي للفعل لا الظني ـ حتى يتوجّه عليه ما ذكر أخيرا ـ فاسد جدّا ؛ لأنّ القطع بالوجه إنّما هو بملاحظة دليل اعتبار الظّن ووجوب العمل به.
وهذا وجه ظاهري للفعل من حيث كونه مظنون الوجوب غير الوجه الواقعي للفعل الذي قضى الدليل بلزوم قصده. وهذا الوجوب المعلوم توصّلي غيري لا معنى للقول بكفايته عن قصد وجه الواجب التعبّدي الواقعي سيّما الموجود في الظّن المطلق الذي يكون ارشاديّا صرفا ليس فيه عنوان يتدارك به ما يفوت من مصلحة الواقع من جهة سلوكه كما يتصوّر في الظّن الخاصّ.
اللهم إلاّ أن يقال : إنّ حكم الشارع بوجوب البناء على كون مؤدّي الأمارة الواقع الأوّلي إنّما هو من جهة رعاية الأحكام الواقعيّة فهو يحكي عنها بنحو من الحكاية فقصده قصد لها بهذا المعنى فتأمّل.
ومن أنّ نتيجته على تقدير تماميته ليس إعتبار خصوص قصد الوجه ، بل كفاية كلّ ما يكون حاكيا عنه إلاّ فيما كان الحاكي منحصرا في الوجه ، فلا يثبت إعتبار قصد الوجه التفصيلي في العبادات لكي يترتّب عليه المنع من كفاية الإمتثال الإجمالي مع التمكّن من الإمتثال التفصيلي ، إذ ليس إعتباره في العبادة عند القائل به أقوى من إعتبار قصد الإمتثال والتقرب المعتبر في العبادات