المأتي به بعنوان الاحتياط ، إذ المفروض عدم وجوبه عليه ظاهرا بعد الرّجوع إلى الظّن المعتبر في تعيين المكلّف به ، لو سلّم كون الوجوب الظّاهري المسبّب عن الاحتياط مسوّغا لقصده.
ومنه يندفع توهّم : أنّ هذا النحو من الاحتياط مخالف للاحتياط لاستلزامه الاخلال بقصد الوجه في المحتمل المأتي به أخيرا ، لأنّ المفروض احتمال وجوبه أيضا.
توضيح الاندفاع : أنّ قصد الوجه لا يجوز ، بل لا يمكن على وجه إلاّ بعد احراز الوجه ، إمّا واقعا أو ظاهرا. والمفروض انتفاؤهما في المقام فكيف يقصد الوجوب في إتيان المحتمل الآخر؟ مع أنّه تشريع محرّم بالأدلّة الأربعة.
وبالجملة : القول باشتراط قصد الوجه في صحّة العمل حتّى في الفرض وأمثاله ، مستلزم للقول بعدم مشروعيّة الإحتياط في الشريعة في غير مورد الحكم بلزومه راسا ؛ لأنّ المفروض عدم إمكان احرازه ، فهو نظير القول [ بال ] شرطيّة المطلقة للطهارة للصلاة مثلا ، فانّ لازمه القول بعدم مشروعيّة الصلاة لفاقد الطهورين. وهذا ممّا يرغب أهل العلم عنه ولم يلتزم به أحد ممّن قال بشرطيّة قصد الوجه إلاّ أبو المكارم في بعض كلماته.
لا يقال : هب أنّه لا يتمكّن من قصد الوجوب ، لعدم ثبوته واقعا ولا ظاهرا لكنّه يتمكّن من قصد الاستحباب ، فليأت به على هذا الوجه بناء على القول بشرطيّة قصد الوجه إذ القول المذكور لا يختص بالواجبات.
لأنّا نقول : قصد الإستحباب كقصد الوجوب يحتاج إلى ثبوته واقعا أو ظاهرا والمفروض عدم ثبوته على الوجه الأوّل. وأمّا على الوجه الثاني فهو غير