وبالجملة ما ذكره ( دام ظلّه العالي ) راجع إلى ما ذكرنا سابقا ، كما أنّ قوله : « وليس هذا تقييدا في دليل تلك العبادة ... إلى آخره » (١) يرجع اليه أيضا من حيث أنّ الشك المفروض إنّما يرجع إلى الشك في أخذ الشارع خصوصيّة في كيفيّة الاطاعة لا في أصل المأمور به ، ومن المعلوم أنّ هذا الشك لا يرجع في رفعه إلى اطلاق العبادة ؛ ضرورة أنّه انّما ينفع لنفي الخصوصيات التي يشك في أخذها في المأمور به.
وأمّا الخصوصيات المعتبرة في الاطاعة فلا ؛ إذ هي متأخّرة عن الأمر فكيف يمكن نفي الشك عنها به؟ وهذا أمر واضح لا سترة فيه أصلا.
وأمّا الرجوع إلى اطلاق ما دلّ على وجوب اطاعة الله في أوامره ، فلا يجوز أيضا على ما عرفت ؛ لأنّه مسوق لبيان أصل وجوب الاطاعة ، أي : المهملة. لا لبيان كيفيّتها كما لا يخفى ، مع أنّ للاطاعة الواجبة به معنى تجري في التوصّليات أيضا فلا معنى للتمسّك به في المقام هذا.
نعم ، لا اشكال كما عرفت سابقا في أنّه على تقدير الشك فيما يحصل به الاطاعة ودورانه بين ما يحصل به الاطاعة يقينا وما يشكّ في حصول الاطاعة به لا بدّ من الأخذ بالطريق اليقيني ، ففي المقام : لو أراد المكلف الاحتياط في العبادة على هذا الفرض لا بدّ من أن يأتي أوّلا بما هو مقتضى الظّن الخاص من الاجتهاد أو التقليد متميّزا عن غيره ، ثمّ يأتي بالمحتمل الآخر بقصد القربة المطلقة على تقدير إيراث حسن الاحتياط عقلا وشرعا التقرب المسوّغ لقصده في العمل
__________________
(١) نفس المصدر.