في المقام من وجه آخر ـ قد عرفته سابقا ـ : وهو أنّ مقتضى ما دلّ على اعتبار الظّن من حيث الخصوص تعيين الرّجوع اليه وعدم جواز الأخذ بغيره.
ولكنّك خبير بأنّه في كمال الوضوح من الفساد على ما عرفت ؛ لأنّ ما دلّ على حجيّة الظّن لا يدلّ إلاّ على كفايته عن إحراز الواقع من حيث البناء على أنّ مؤدّاه هو الواقع لا أن يكون في عرض الواقع كما هو واضح.
وأمّا دلالته على تعيين الأخذ به فلا. كيف! ولو دلّ على ذلك لدلّ على عدم جواز الرجوع إلى العلم التفصيلي أيضا وهو كما ترى. وبالجملة هذا التوهم في كمال الوضوح من الفساد.
وأمّا الاستدلال له بقوله ( دام ظلّه ) « مع إمكان أن يقال ... إلى آخره » (١) ، فهو راجع إلى ما عرفت في الوجه الثامن ، لأنّ حاصل ما ذكره ( دام ظلّه ) : هو أنّه إذا فرضنا الواجب تعبّديّا بمعنى كون الغرض من الأمر به هو التعبّد بايجاده لا حصوله بأيّ وجه اتّفق أي سواء كان بعنوان التعبّد أو لم يكن ، كما يكون الأمر كذلك في التوصّلي وشككنا ولو من جهة فتوى جماعة في أنّ المقصود التعبّد بإيجاده ولو في ضمن أمرين أو التعبد بايجاده متميّزا عن غيره ، فلا بدّ من الإلتزام بالأخير تحصيلا للقطع بإتيان ما هو غرض المولى.
نعم ، إستدلاله ( دام ظلّه ) على ذلك باصالة عدم سقوط الغرض الداعي محل تأمّل ، لأنّ حكم العقل بوجوب تحصيل القطع مترتّب على نفس الشك لا على مجرى الأصل المذكور ، فلا معنى لإجرائه كما لا يخفى.
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ١ / ٧٥.