أقول : ما أفاده قدسسره من الواضحات التي لا ينبغي الارتياب فيها على وجه لا يحتاج إلى البيان ؛ لأنّ كل معلوم الطريقية إنّما يصير معلوما بالعلم فلا محالة يكون معلومية العلم بذاته فنسبته الى معلوم الطريقية نسبة الوجود الى الموجودات.
وبعبارة أخرى : طريقيّة كلّ شيء واعتباره ثبت بالعلم ، فلا بّد من ان يكون طريقا بذاته ، نظير الوجود للواجب ، وان كان بينهما فرق في الذاتية ؛ لأنّ طريقيّته
__________________
الإطاعة ، بل في عازمه أيضا ؛ فإنه ربّما يوجب ردعه عما عزم عليه من العصيان. انتهى. تقريرات المجدد الشيرازي ج ٣ / ٢٣٥ ـ ٢٣٩.
قال الميرزا النائيني قدسسره : المراد من وجوب متابعة القطع وجوب متابعة المقطوع من الواقع المرئي بالقطع ولزوم العمل بما أدّى إليه قطعه والجري على وفق علمه ، وهذا الوجوب ليس وجوبا شرعيّا لأنّ طريقيّة القطع ذاتيّة له لا تنالها يد التشريع إذ لا معنى لتشريع ما هو حاصل بذاته ومنجعل بنفسه ، فإن الجعل التشريعي إنّما يتعلّق بما يكون عين تشريعه لا ما يكون متكوّنا بنفسه وطريقيّة القطع تكون كذلك.
وهذا من غير فرق بين أن نقول بصحة جعل الحجّيّة والطريقيّة ـ كما هو المختار ـ وبين أن نقول بعدم الصحّة وأن المجعول هو منشأ الإنتزاع ـ كما هو مختار الشيخ قدسسره ـ فإن الطريقيّة التي نقول بصحّة جعلها إنّما هي في غير الطريقيّة التكوينيّة ـ كطريقيّة القطع ـ فإنّها من لوازم ذات القطع كزوجيّة الأربعة ، بل بوجه يصح أن يقال إنها عين القطع ، وما يكون شأنه ذلك كيف يصحّ أن تناله يد الجعل التشريعي؟
وبعبارة أخرى : طريقيّة كل شيء لا بد وأن تنتهي الى العلم وطريقيّة العلم لا بد وأن تكون ذاتية له ؛ لأن كلّ ما بالغير لا بد وأن ينتهي إلى ما بالذّات وإلاّ لزم التسلسل.
ومما ذكرنا يعلم : أن نفي الطريقيّة والحجّيّة عن القطع أيضا لا يعقل ؛ إذ لا يمكن شرعا سلب ما هو من لوازم الذات ، مضافا إلى لزوم التناقض. فوائد الأصول : ج ٣ / ٦ ـ ٧.