وبالجملة : ما ذكره ( دام ظلّه ) من الاستدراك لم يعلم له وجه ، فكان عليه أن يترك هذا الاستدراك ؛ لأنّه مستدرك بل مخلّ ؛ لما عرفت.
مضافا إلى أنّ مع تسليم الحكومة لا معنى للمنع من الرّجوع إلى الأصل كما هو واضح. مضافا إلى منافاته لما يظهر من كلماته السّابقة الظّاهرة في عدم الحكومة فيما لو استلزم من الرّجوع إلى الأصل مخالفة عمليّة قطعيّة هذا.
ولكن يمكن أن يقال : إنّ غرضه قدسسره من هذا الكلام بيان شأن الأصل الموضوعي في مورد جريانه ، لا في المقام الّذي حكم بعدم جريانه ، والتّنافي الذي أثبته إنّما هو بحسب المعنى والحقيقة ، لا بحسب لسان الأصل ، كما هو صريح قوله قدسسره : ( فيكون الأصل في الموضوع في الحقيقة ... ) (١).
والتّنافي المعتبر في التّعارض إنّما هو بحسب لسان الدّليلين لا بحسب الواقع ، ولذا قال في باب التّعارض : ( إنّ الحكومة تخصيص في المعنى بلسان التّفسير ) (٢) فافهم.
(٩٢) قوله : ( والوجه في ذلك أنّ الخطابات في الواجبات الشرعية ... إلى آخره ). ( ج ١ / ٩٥ )
أقول : لا يخفى عليك أنّ ما ذكره يجري بعينه في المحرّمات أيضا ، فيقال : إنّ الخطابات في المحرّمات الشّرعيّة بمنزلة خطاب واحد بترك الكلّ. ولم يقصد ( دام ظلّه ) بما ذكره ـ تخصيص المدّعى. كيف! وهو أعمّ منه بالفرض ؛ فإنّه
__________________
(١) فرائد الاصول : ج ١ / ٩٥.
(٢) فرائد الاصول : ج ٤ / ١٤.