وقوله : ( ومع هذا العلم التفصيلي ) (١) إن كان المراد منه العلم التفصيلي بالحكم المتولّد من العلم الإجمالي بحرمة أحد الشيئين كما في الدّخول والإدخال ـ على ما يستظهر من جهة قياس المقام به ـ ففيه : أنّ العلم بوجوب الغضّ من إحدى الطّائفتين لا يرجع إلى العلم التّفصيلي ؛ ضرورة ثبوت التّردد في متعلّقه بالفرض.
وإن كان المراد منه العلم بالخطاب التّفصيلي ـ وإن كان متعلّقه مردّدا ـ ففيه : أنّه ليس هناك خطاب مفصّل إلاّ أن يقطع النّظر من تعلّقه ، وعليه يمكن إدراج غالب صور تردّد الخطاب في الخطاب المفصّل وهو كما ترى هذا.
مع أنّه مناف لقوله بعد ذلك : ( ويمكن إرجاع الخطابين ... إلى آخره ) (٢).
وإن كان المراد العلم التفصيلي بإرادة الشّارع للغضّ ـ وإن كان الخطاب مردّدا ـ فليس هذا علما تفصيليّا بالحكم والخطاب هذا.
ولكنّك خبير بفساد التّوهم المذكور ؛ حيث إنّ كلامه صريح في إرادة الوجه الأخير ؛ فإنّ الخصم أراد إدراج المسألة في الخطاب المردّد ، حتّى يختار عدم وجوب الاحتياط ، فأجاب : بأنّ تردّد الخطاب لا يقدح في حكم العقل بوجوب الاحتياط بعد العلم التفصيلي بإرادة الغضّ الحاصل من أحد الخطابين كما يدلّ عليه قوله : ( ويمكن إرجاع الخطابين ... إلى آخره ).
فحاصل هذا الجواب يرجع إلى ما اختاره في حكم الخطاب المردّد. والغرض من تشبيه المقام بالدّخول والإدخال : إنّما هو على تقدير إرادة الوجه
__________________
(١ و ٢) : فرائد الأصول : ج ١ / ٩٩.
(١ و ٢) : فرائد الأصول : ج ١ / ٩٩.