وجه للاستحالة ثمّ نحكم بعدم وجوده من باب تلازم عدم الوجدان لعدم الوجود في خصوص المقام. ومن هنا ذكر جمع من أعلام فنّ المعقول منهم الشّيخ الرّئيس ما حاصله : أنّه كلّ ما شككت في إمكانه وامتناعه فذره في بقعة الإمكان.
والمراد بالشّك الشّك الابتدائي الزّائل بعد التأمّل فيما ذكرنا فليس مقصودهم بيان الحكم بالإمكان ظاهرا. نعم ، يحتمل قريبا أن يكون مرادهم التّوقّف عن الحكم هذا.
ولكن يشكل ما ذكرنا : بأنّه بعد الاعتراف بعدم إحاطة العقل ووقوفه على الجهات المحسنة والمقبحة لتجويز الشّارع العمل بالظّن وتجويز وجود ما يقتضي الامتناع بحسب الواقع ونفس الأمر فكيف يدّعي مع ذلك أنّ عدم وجداننا يدلّ على عدم الوجود على سبيل القطع؟ فلا بدّ من أن يكون المراد بالإمكان إذن هو الإمكان الظّاهري حتّى يجتمع مع احتمال وجود ما يقتضي الامتناع بحسب الواقع.
فالمراد أنّ بناء العقلاء قد استقرّ على الحكم بالإمكان بعد الرّجوع إلى عقولهم وعدم وجدانهم وجها للاستحالة حتّى يظهر لهم الامتناع الواقعي فهذه قاعدة ظنيّة معتبرة عندهم في مسألة دوران الأمر بين الإمكان والامتناع ؛ فلا يرد إذن : أنّ بناء العقلاء في أمورهم على الحكم بشيء تعبّدا ممّا لا معنى له ، وعليه يحمل ما هو المعروف بين الحكماء ، بل ربّما يقال : إنّ ظاهره ذلك فلا يحتاج إلى الحمل كما لا يخفى لمن تأمّل فيه هذا.
ويمكن أن يصحّح الوجه الأوّل ـ الّذي بنى تحرير محلّ النّزاع عليه بعض الأفاضل ـ بأن يقال : إنّ المقصود في المقام الردّ على من ادّعى استحالة تعبّد