(١١٩) قوله : ( الثّاني أنّه يجب العمل به لأجل أنّه يحدث ... إلى آخره ). ( ج ١ / ١٠٩ )
أقول : ظاهر هذا الكلام بل صريحه ـ كما لا يخفى على من تأمّل في جميع أطرافه من أوّله إلى آخره ـ هو كون قيام الأمارة موجبا لحدوث المصلحة فيما قام عليه ، لا أن يكون المصلحة في سلوكها أو الأمر بها ، فليكن هذا على ذكر منك لينفعك فيما بعد.
(١٢٠) قوله : ( قال في النّهاية في هذا المقام ... إلى آخره ). ( ج ١ / ١١٠ )
أقول : حاصل ما ذكره : هو أنّ الجهات المقتضية لجعل الأحكام الشّرعيّة في الأفعال لا تلزم أن تكون ذاتيّة لها في جميعها ، بل يمكن أن يكون باعتبار الوجوه والاعتبارات المفارقة ، الّتي منها أوصاف المكلّف ، الّتي منها الظّن فإنّ للظّن كالعلم تعلّقا بالظّان وتعلّقا بالمظنون ، فمن الحيثيّة الأولى من الأوصاف ومن الثّانية من الطّرق والكواشف ، فلا يمنع إذن أن يكون الفعل حسنا ونحن ظانين بصدق الرّاوي مثلا.
فإذا كان الأمر كذلك فلا قبح في أمر الشّارع بسلوكه في زمان التمكّن من تحصيل الواقع ؛ لأنّ المفروض أنّ بواسطة قيام الظّن تحدث مصلحة ـ فيما قام عليه ـ غالبة على مفسدة فوت الواقع على تقدير مخالفة الأمارة ، فلا يلزم تفويت للمصلحة ونقض للغرض هذا.
ولكن لا يخفى عليك أنّ ظاهر كلام العلاّمة هذا هو حدوث المصلحة في المظنون بواسطة قيام الظّن مطلقا ، لا على تقدير المخالفة فالاستشهاد بكلامهما إنّما هو لمجرّد عدم امتناع إيجاب الظّن لحدوث المصلحة فيما قام عليه ولو في الجملة فتأمّل.